عبد الوهاب شمهان
السياحة تأخذ كحالة مواتية لكل إنسان يرغب في ممارستها وقتما شاء للراحة والاستجمام والمعرفة ومزاولة بعض من الأنشطة التي لايترتب عليها أجر، وقد يكون بمفرده أو ضمن مجموعة أو مع عائلته وأفراد أسرته بغرض النزهة واستعادة الحيوية والنشاط والخروج من الرتابة اليومية، وكل ذلك في جو من الاستقرار والأمن العام وفي وضع لابد أن تتوفر فيه الخدمات وتنشط فيه الحياة وتسعد فيه الأنفس وتتواصل من خلاله الثقافات وتكثر فيه المنافع والخدمات وأنشطة الترفيه حسب مقتضى ديانة ومعتقدات وعادات وتقاليد وقوانين البلد المستضيف ، ولايمكن أن يكون بلد ما يقع تحت أجواء أمنية غير مستقرة وغير آمنة مقصداً سياحياً جاذباً للسياح والزوار، واليمن بما يتميز به من تنوع في التضاريس والمناخ يعد أحد المقاصد السياحية التي اتجهت إليها الأنظار وبدأ الاستثمار ورجال الأعمال يراقبون الوضع الاستثماري من خلال إقامة مشاريع أو الشراكة في بعض من المشاريع السياحية ، وإن كان أكثر الاستثمارات في البنية الفوقية السياحية يرجع الفضل فيها إلى جهود المغتربين اليمنيين والتي غطت مساحة واسعة بانتشارها في المدن الرئيسة والمدن الثانوية القريبة أو الواقعة بجانب المنافذ البرية على وجه الخصوص مما أتاح فرص عمل للكثير من العمالة اليمنية إلا أن القصور الحكومي بحضوره الخافت أعاق تنفيذ العديد من المشاريع وإيصال الخدمات إلى المواقع السياحية وتهيأتها لتصبح مقاصداً للسياحة المحلية والدولية ، وغالباً ما كنا نسمع عن متنفذين في الدولة والحكومة يسعون لفرض مصالحهم وأنفسهم على رجال الأعمال والاستثمار ويقدمون أنفسهم كمسهلين وحامين مقابل الشراكة فيما نسبته 25% يزيد أو يقل من رأسمال المشروع بوجه يخلو منه الحياء ، وأسلوب لايمكن خروجه عن أساليب العصابات المنظمة والمافيا الدولية ، وهذا الابتزاز المفضوح وعلى عين الدولة والحكومة هو ماكان أحد أسباب تعثر التنمية السياحية والاقتصادية ، لتأتي بعدها حبكة المؤامرات العربية الناشئة في جزيرة العرب ، وشراء الذمم وبناء كنتونات مشايخية ودينية واقتصادية تفرض من خلالها ما تقتضي حاجتها الاستراتيجية من تمديد أو تقليص أو منع أي خطوات ستكون سببا في تغيير الوضع الاجتماعي ويفتح بابا أوسع للاستثمار ، يساعد في غلق أبواب الحاجة والاعتماد على دول الجزيرة ، ومن ثم تنمو القناعة بأهمية امتلاك القرار وتحقيق السيادة وبناء وطن متكامل الإرادة والقدرة الإنتاجية وهما أساس بناء القوة.
والملاحظ أن بداية انعاش السياحة الدولية في اليمن جوبه بقوة وصلابة ورعونة فائقة ومرتبة بعلم ودراية الدولة التي فقدت قدرتها على التقييم والتحليل الموضوعي لكل الأحداث والجرائم السياحية ومواجهتها بذات الصلابة والقوة ، برغم أن التعامل مع الحدث مثار أعجاب وتقدير المنظمة العالمية للسياحة، لكن التسويف والخشية واستلاب الإرادة والقرار واضمحلال السيادة الحقيقية كانت نتيجة حتمية للاعتماد على العطايا والمساعدات المشروطة في الغالب ، والوقوع في براثن الثقة الممنوحة والمفتوحة للكثير من المشايخ والوجاهات والقيادات ومنحها إمكانية الاتصال والتواصل مع الآخر بكل سعة ورحابة صدر، الأمر الذي كون لوبي ضغط على الدولة والحكومة جعل من الصعب عليهما اتخاذ أي قرار أو الاتجاه نحو أي مشروع إلا بموافقة هذا الحشد المتوطئ مع مصالحه ، وضد أي مصلحة عامة ، أو أي توجه يمنح الدولة حضور القوة الآمرة الحارسة والراعية لمصالح البلد ، وهذا ماقاد إلى الاستقواء والسيطرة على الأحزاب الرئيسة والتغلغل في كل مراكز القوة والسيطرة وإبراز ضعف الدولة والحكومة بكل الطرق والوسائل ، حتى بلغ الأمر حد الخروج عن السلطة العامة وعدم الاعتراف بوجودها ، والعمل على اجتثاثها تحت مسمى الربيع الذي يمطر في بلاد العرب خرابا ودمارا وتشتتاً وتمزقاً وحروباً وصراعات داخلية صحية وعوراء كان نهايتها ارتهان اليمن وشرعيته لعشر دول على رأسها أمريكا وحليفها الرئيس في الشرق الأوسط المملكة العربية السعودية بما تمتلكه من ثراء ومخزون من النفط وما لها من سطوة على جيرانها وأولهم اليمن المسلوب .
لقد وقع الشعب اليماني، الباحث عن الخلاص من الفقر والجوع والمرض المتطلع لحياة كريمة وهامة مرفوعة ، وعلاقات طيبة مع أشقائه وخاصة جيرانه، في فخ خداع الحرية والديمقراطية والليبرالية والصحوة المنبعثة من مشكاة إدارة الولايات المتحدة الأمريكية العابثة بشعبها وبهذا العالم ليكون الاستلاب الكامل والفعلي لسلطة الدولة اليمنية وجرها إلى طلب النصرة على شعبها وهو الهدف والغاية للولايات المتحدة والمملكة العربية وفقاً لما يحقق مصالحهما ويكرس تخلفا علميا واقتصاديا وعسكريا ، وصحيا، وسيطرة على كل منافذ الخروج من هذا الحيز المسموح به ، فلا تقوم دولة ولاترفع هامة.
وهنا تكون السياحة هي البداية ، السياحة المسؤولة المنظمة المحققة لسيادة الدولة والمحترمة لعقيدة الشعب ولعاداته وتقاليده، هنا تكون البداية لإعادة مراجعة القوانين وتصحيحها بما يخدم المجتمع ويحمي مصالحه، وهنا تكون البداية لترتيب أوضاع الأجهزة الأمنية وإبرازها كقوة حامية لأمن واستقرار الوطن و للأفراد والجماعات والأسرة اليمنية وللاقتصاد وإعادة الإعمار والحفاظ على حرية المجتمع وتطلعاته في بناء الدولة اليمنية.