تقرير / محمد الجبري
يعتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في بلاده ستخرجه وحزبه الحاكم من دوامة الأزمات المتتالية التي تضع تركيا في مهب الريح والدلالة على ذلك هو تراجع شعبية الحزب الحاكم ( حزب العدالة والتنمية ) في الانتخابات الأخيرة ب 49% وهي نسبة متدنية جداً مقارنة بماكان يحصل عليه في السنوات السابقة .
وطبقاً لعدد من مراكز الدراسات يرى المراقبون أن هناك أخطاء رئيسية لأردوغان لقيادة تركيا أهمها اللعب على الوتر الحساس من خلال دعمه الباطن للدواعش وإن كان ذلك من خلف الكواليس والتي ما لبثت أن افتضحت عند قيام روسيا بتنفيذ ضربات جوية على تنظيم داعش داخل سوريا مما جعل اردوغان مرتبكاً في سياسته المتخبطة التي كشفت ورقة التوت عن دور تركيا في دعمها للجماعات الداعشية التي تحارب الجيش العربي السوري .
وحاول اردوغان أن يؤلب حلف شمال الأطلسي (الناتو) على روسيا بسبب ضعيف أدعى فيه خرق الطائرات الحربية الروسية للمجال الجوي التركي والتي لم تستمر أكثر من دقيقتين ويؤكد الخبراء أنها لا تستوجب كل هذا الأمر وهذه الضجة التي أحدثها اردوغان مع روسيا مع أن موسكو قد أوضحت بأن دخول طيرانها للمجال الجوي التركي لم يتعدى دقيقتين وكعادة اردوغان رفضت التبريرات الروسية و هدد إدخال علاقة بلاده مع روسيا في أزمة سياسية جديدة مستفحلة بإلغاء اتفاقية استيراد الغاز من روسيا ولكن موسكو لم تعطه أية أهمية.
كما يرى المراقبون الدبلوماسيون والمحللون السياسيون أن محاولة أردوغان تأليب الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها لإقامة حظر جوي في سوريا وهو مما زاد الطين بلة حيث كشفت الطائرات الحربية الروسية من خلال تدميرها لأكثر من ثلاثمائة موقع لداعش وهو الذي لم يقم به التحالف الدولي على تدميرها خلال عام كامل.
وبحسب مراكز الدراسات حصلت التنظيمات الإرهابية على أسلحة أمريكية تم إسقاطها من الجو لعناصر إرهابية بعد انضمام ما يسمى بكوادر المعارضة السورية المعتدلة التي تم تدريبها بموجب برنامج البنتاغون والذي لا يتعدى عددهم سبعون شخصا قاموا بتسليم أسلحتهم الأمريكية لجبهة النصرة.
وهناك توارد للأخبار بانضمام مجموعة من المعارضة إلى التنظيمات الإرهابية ومما يفند الدعايات المضادة ضد روسيا بأنها تضرب المعارضة السورية المعتدلة وهو ما أثبته استعداد موسكو العلني للتنسيق مع هذه الجماعات بالتعاون مع الجيش العربي السوري لعدم توجيه ضربات ضدها.
ورفضت كل من تركيا والولايات المتحدة التنسيق مع روسيا لضرب داعش في سوريا مكتفية بإبرام اتفاق يمنع التصادم الجوي بين الطائرات الحربية الروسية والأمريكية في سوريا ومن خلال هذا التصرف أكدت أن تلك الدولتين هما داعمتان للتنظيمات الإرهابية داخل سوريا.
إن مساعي السلطات التركية اليوم من اجل عودة الصراع الدائر وتأجيجه بين الشرطة التركية والأكراد من خلال إلغاء اتفاق السلام الذي ابرم سابقاً معهم كحل لوقف سيلان الدماء الكردية يؤكد تماماً أنها مصرة على دق طبول الحرب ضدهم بطريقة لا مسؤولة وهذا ما يثبته في أنها بدأت تجد نفسها في دوامة من الصراع والنزاع المستمر ويكشف عن أهداف المساعي الأخيرة للرئاسة والحكومة التركية لتوجهها الانفرادي لإقامة دولة ذات حكم رئاسي يعطي رئيس الدولة الاستفراد في إصدار أوامر وتوجيهات تكون من شأنها الإطاحة بالخصوم السياسيين الذين يختلفون معها إلا أن الكثير من الأحزاب والتنظيمات المعارضة بدأت بالاحتجاج على تلك المساعي وإنشائها وفي دولة علمانية كان منصب الرئيس فيها شرفيا فقط .
من جانب أخر حثت المفوضية الأوروبية تركيا التي تسعى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الثلاثاء الماضي على رفع القيود المفروضة على حرية الإعلام واحترام حقوق الإنسان واستئناف محادثات السلام مع المقاتلين الأكراد في جنوب شرق البلاد الذي يعصف به العنف.
وفي تقريرها السنوي الذي نشرته بشأن تركيا أشارت المفوضية بقلق إلى جهود الرئيس رجب طيب أردوغان لإجراء تعديل للدستور يمنحه سلطات أوسع بكثيروتعثرت محادثات تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي على مدى عشر سنوات.
لكن انتقادات المفوضية وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبيغلفت بلغة دبلوماسية تعكس الحساسية السياسية في التعامل مع بلد كبير ذي أهمية إستراتيجية تحتاج بروكسل إلى تعاونه في التعامل مع أزمة الهجرة إلى أوروبا.
وأفاد يوهانس هان المفوض المسؤول عن توسعة الاتحاد الأوروبي للبرلمان الأوروبي «يجب على تركيا التحرك لأن هناك العديد من المجالات التي يتعين عليهم التعامل فيها وفقا للمبادئ الأساسية» في إشارة إلى حقوق الإنسان وحرية التعبير.
وتقرير المفوضية الذي تأخر نشره إلى ما بعد الانتخابات لتجنب إغضاب اردوغان وحزب العدالة والتنمية الذي أشاد بتركيا لإيواء ملايين اللاجئين الفارين من الحرب الأهلية في سوريا المجاورة.
وتقول المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي زارت اسطنبول قبل الانتخابات انه لا يمكن إيجاد حل لأزمة اللاجئين بدون تركيا التي تشترك في الحدود مع سوريا والعراق.
وتجري المفوضية الأوروبية مفاوضات للتوصل الى اتفاق مع تركيا لاستيعاب مزيد من اللاجئين السوريين مقابل تسهيل تأشيرات دخول الأتراك إلى دول الاتحاد الأوروبي وتقديم مساعدات نقدية والإسراع من محادثات العضوية.
وأضاف: إن محادثات انضمام تركيا يمكن الإسراع منها في حالة التوصل إلى اتفاق سلام بين الحكومة القبرصية اليونانية المعترف بها دوليا وبين القبارصة الأتراك الانفصاليين في شمال الجزيرة الذين يلقون دعما من أنقرة.