تدمير قصر صالة بتعز خسارة حضارية بامتياز
رئيس هيئة الآثار: تم تفريغ المتحف من القطع الأثرية تمهيداً لترميمه
مدير عام المتاحف: قصر صالة كان واحداً من أبرز المتاحف اليمنية لموقعه واتساعه حيث يحوي (361) غرفة
مدير آثار تعز: القصر منذ عشر سنوات تعرض للعبث وسرقة الكثير من محتوياته
تحقيق/ عبد الباسط محمد النوعة
تتوالى الأيام وتتعاقب الشهور ومعها يستمر العدوان الذي يوشك على اكمال شهره السابع مخلفاً الكثير من الدمار والخراب وخلف الآلاف من القتلى معظمهم من النساء والأطفال والآلاف من الجرحى وسط صمت مخز لدول العالم ومنظماته خاصة تلك التي تتشدق بحقوق الإنسان وحقوق الحيوان أو تلك التي تهتم بالحضارة والتراث الإنساني فمواطن التراث اليمني تشكو آلام جراحاتها الغائرة التي خلفها القصف الغاشم التي لم يميزها عن غيرها من المواقع العسكرية ولم يكترث لأصالتها وقيمتها التاريخية وخصوصيتها الحضارية التي تعد عنوان هوية للشعب اليمني ، وفي جريمة جديدة تضاف إلى رصيد العدوان أقدمت الطائرات الأسبوع الماضي على استهداف المتحف الوطني بمدينة تعز ” قصر صالة التاريخي ” وتدميره بصورة شبه كلية وهو المبنى الذي كان يحوي أكثر من (361) غرفة.
مبنى المتحف الوطني أو قصر صالة التاريخي بتعز مبنى ضخم وواسع بني في فترة الخمسينيات ، وكان المعنيون في هيئة الآثار والمتاحف يسعون ومنذ سنوات عديدة إلى إعادة تأهيل هذا المتحف ليكون واحداً من أكبر وأهم المتاحف اليمنية إلا أن هذا المشروع ظل حلماً يراود القائمين على آثار تعز وهيئة الآثار ينتظرون أن يتحقق منذ العام 2003م ولكن العدوان كان أسرع من ذلك المشروع الذي لم يأت.
الهيئة حذرت
الأخ مهند السياني رئيس الهيئة العامة والآثار والمتاحف عبر عن أسفه وحزنه العميق لاستمرار استهداف مواقع التراث اليمني واستنكر بشدة تلك الاعتداءات التي تمثل جرائم لا تسقط بالتقادم وقال: يعد مبنى قصر صالة أو المتحف الوطني بتعز من أهم وأكبر المباني التاريخية في المدينة وتعود فترة بنائه إلى خمسينيات القرن الماضي حيث بناه الإمام أحمد حميد الدين ويحتوى القصر على (361) غرفة وتمت إضافة ملحقات للمبنى في عهد الرئيس الشهيد ابرآهيم الحمدي، إلا أن هذا المبنى الواسع والكبير لم يكن متحفاً فقط بل كان فيه دوائر أخرى حيث كان المتحف يحتل الجزء الأكبر فيما بقية الأجزاء وخاصة الملحقات كانت عبارة عن ملحقات عسكرية للأمن والجيش وهذا ما حاولنا أن نتفاداه وحذرنا منه مراراً وتكراراً وسبق وأن طالبنا بإخراج أي مظاهرات مسلحة من هذا القصر بل ومنذ فترة طويلة وسبق أيضاً وأن قمنا بمخاطبة وزارة الدفاع بمذكرة رسمية باخلاء هذا القصر من أي مظاهر عسكرية وتخصيصه ليكون متحفاً فقط، ولكن للأسف لم نجد منهم آذاناً صاغية، خاصة وكانت الهيئة تنظر إلى هذا المبنى باهتمام كونه يمتلك من الخصائص والمميزات الكثير والتي تؤهله ليكون واحداً من أهم وأبرز المتاحف على مستوى اليمن بل والمنطقة بأسرها وكانت الهيئة تسعى لدى وزارة المالية لاعتماد موارد مالية كافية لإعادة تأهيل وترميم هذا المبنى وبالفعل تم تفريغ هذا المتحف من كافة محتوياته الأثرية منذ العام 2006م ومنذ ذلك التاريخ والهيئة تنتظر توفير تلك المخصصات للبدء بعملية الترميم وإعادة التأهيل.
وأشار إلى أن القصف الذي تعرض له المتحف الوطني بتعز “قصر صالة” من قبل طائرات العدوان دمره وبصورة شبه كاملة، 90 % من المبنى تم تدميره بما فيها الملحقات.
وأضاف: كان المتحف جزءا من المبنى ولديه النسبة الأكبر من المبنى وبقية المبنى وخصوصاً في الملحقات كانت ملحقات عسكرية لكن عندما تم قصف القصر تم استهداف المبنى بشكل كامل بما فيها الجزء الذي كان مخصصا للمتحف ولم يكتفوا بالملحقات التي كانت تحتوي مظاهر مسلحة وحتى المباني المجاورة للقصر لم تسلم من التدمير والخراب حيث القصف شديد وعنيف وتم استهداف القصر ثلاث مرات المرة الأولى كانت يوم الخميس والضربة الثانية كانت مساء السبت الضربة الثالثة كانت صباح يوم الأحد وكل ضربة كانت تحوي أكثر من صاروخ وعلينا أن نتخيل الكم الهائل من الصواريخ التي احتوتها تلك الضربات الثلاث وحجم الدمار والذي ستتركه.
متاحف مدمرة
لم يكن المتحف الوطني بتعز المتحف الوحيد الذي دمره العدوان فهناك متاحف أخرى قصفها الطيران السعودي وهذا ما سيوضحه الأخ/عبدالمنان العبسي مدير عام المتاحف بديوان الهيئة العامة للآثار والمتاحف والذي أكد أن ثلاثة متاحف يمنية تعرضت للتدمير الكلي من قبل طائرات العدوان اثنان منها دمرتا وبداخلهما القطع الأثرية والمآثرالتاريخية والتي دفنت تحت الركام وتدمير العديد منها ..
وقال : متحف ذمار الإقليمي ذلك المتحف الرائد والهام والذي كان يحوي الكثير من القطع الأثرية الهامة والنادرة تم استهدافة من قبل طائرات العدوان وتدميره بالكامل وتدمير الكثير من قطعه الأثرية التي لا يزال جزء كبير منها مدفونا تحت الأنقاض ولدينا مشروع ننفذه الآن بالتعاون مع اليونسكو لانتشال تلك القطع من تحت أنقاض هذا المتحف المدمر واستطعنا انتشال الكثير منها بعضها مدمر والبعض الآخر نجا من التدمير ومازال العمل مستمراً كذلك تم تدمير متحف قلعة القاهرة الذي كان يحتوي على الكثير من القطع الأثرية التي يعود البعض منها إلى الاكتشافات التي ترافقت مع فترة الترميم التي خضعت لها قلعة القاهرة على مدى أربعة عشر عاما ولازالت القطع الأثرية مدفونة تحت الأنقاض ولا نعلم كيف حالها , وها هو العدوان يتوج جرائمه بحق المتاحف ذاكرة اليمن الحية باستهداف المتحف الوطني بصالة بمحافظة تعز والذي كان واحدا من ابرز وأهم المتاحف نظرا لمساحته واتساعه حيث يحوي أكثر من (360)غرفة وهو ما يؤهله لأن يصبح واحدا من أهم المتاحف الرائدة خاصة إذا ما تم إنجاز المشروع المتعثر منذ تسع سنوات لإعادة ترميم وتأهيل هذا المبنى وكما يقول المثل رب ضارة نافعة فهذا المشروع المتعثر كان سبباً في إفراغ المتحف من محتوياته الأثرية والتاريخية ونقلها إلى أماكن آمنة خارج المتحف تمهيد لترمميه وإعادة تأهليه ومنذ ذلك الحين والقطع الأثرية خارج المتحف وهو ما نحمد الله عليه وإلا لكانت دفنت تحت الأنقاض ودمرت كما دمر المبنى وكما تم تدمر القطع الأثرية في متحفي ذمار وقلعة القاهرة..
ليس هناك مبرر لضربه
وأشار إلى أن أسباب تعثر المشروع تعود إلى عدم توفر الامكانيات المادية إلا أن انفراجة كانت قد لاحت في الأفق قبل سنوات ثلاث عندما ابدى الصندوق الاجتماعي للتنمية استعداده لتمويل هذا المشروع لكن لم يتم له ذلك وظهرت الكثير من العراقيل والصعوبات أدت إلى تعثر هذا التمويل.
وأوضح ” العبسي” أن اليمن خسرت بتدمير قصر صالة الكثير فهذا المبنى الضخم والواسع يعد جزءاً هاماً من تاريخ مدينة تعز وأحد ابرز معالمها التاريخية كما أن هيئة الآثار خسرت بتدمير هذا القصر واحداً من ابرز المباني المناسبة والمهيأة كمتحف إقليمي رائد ومناسب يمتلك كافة المواصفات والمقاييس اللازمة لإنشاء المتاحف خاصة الموقع حيث يقع في منطقة ممتازة جداً ناهيك عن اتساعه واتساع مرافقه، ولفت إلى أن احتواء القصر على قسم شرطة ليس مبرراً أبداً لضربه وقصفه بهذه الصورة الوحشية التي دمرته بالكامل ولازلنا نقف حيارى ولا نعلم لماذا تم استهداف هذا القصر وبهذه الصورة ولماذا يتم استهداف المتاحف والمواقع الأثرية اليمنية.
مهمل ومعرض للعبث
من جابنها تقول الاخت/ بشرى الخليدي مدير عام الآثار والمتاحف بمحافظة تعز: قصر صالة التاريخي أو المتحف الوطني بمعنى أصح يعاني الإهمال والعبث منذ سنوات طوال فهذا المتحف مفرغ تماماً من محتوياته منذ سنوات تقارب العشر وطوال هذه المدة وهو فارغ تماماً، وتم تركه للعبث والنهب حتى وصل النهب إلى أسلاك الكهرباء وكذا فترينات العرض بسبب إهمال القائمين عليه، كما أن القصر منح جزء منه للسكن الخاص لمواطنين من قبل الإدارة السابقة وجزء آخر لقسم شرطة صالة وجزء أيضاً للاستخبارات العسكرية ، أما الجزء الذي بناه الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي فقد أصبح مقراً لمؤخرة اللواء (117) مشاه. وأشارت إلى أن مكتب الآثار حذر مراراً وتكراراً من تخصيص تلك الأجزاء من القصر كمرافق عسكرية والاكتفاء بتخصيص هذا المبنى بصورة كاملة ليكون متحفاً إقليميا كبيراً ولكن لم يجد المكتب تجاوباً من قبل الجهات ذات العلاقة بتعز وعلى رأسها طبعاً السلطة المحلية.