اختلاف الرؤى حول مفهوم السياسة السكانية

 - إذا كان مفهوم السياسة السكانية يعني الإجراءات الدولية لمواجهة المشكلة السكانية سلبا◌ٍ أو إيجابا◌ٍ فإن الرؤى تختلف باختلاف البلدان ومشكلاتها السكانية¡ ففي حين ترى دول أن الإجراءات التي يجب أن تتخذ ينبغي أن تكون من أجل التأثير في العمليات ا
شوقي العباسي –
إذا كان مفهوم السياسة السكانية يعني الإجراءات الدولية لمواجهة المشكلة السكانية سلبا◌ٍ أو إيجابا◌ٍ فإن الرؤى تختلف باختلاف البلدان ومشكلاتها السكانية¡ ففي حين ترى دول أن الإجراءات التي يجب أن تتخذ ينبغي أن تكون من أجل التأثير في العمليات الديموجرافية بالتقليل من النمو السكاني أو بزيادته فإن دولا◌ٍ أخرى ومن ضمنها اليمن ترى أن المشكلة السكانية ينبغي أن تواجه بضبط التوازن بين النمو السكاني والتنمية بصورها وأشكالها المختلفة¡ الأمر الذي يعني ضرورة إيجاد تخطيط سكاني مدروس وسليم قائم على قاعدة ضبط النمو السكاني بما يتناسب مع توفير المتطلبات وفقا◌ٍ للاحتياجات وعلى أسس علمية موضوعية.
إذا◌ٍ فالتخطيط السكاني الذي أحد مكوناته الرئيسية تنظيم الأسرة أو تنظيم الخصوبة يعني كيف يمكن أن نجهل النمو السكاني في البلد متناسبا◌ٍ أو متوائما◌ٍ مع الثروات الطبيعية للبلد وبرامج التنمية المختلفة بأشكالها وصورها المختلفة الاقتصادية والتعليمية والصحية والموارد الطبيعية: مثلا◌ٍ المدارس والمدرسون مع عدد التلاميذ¡ الخدمات الصحية بما فيها الأطباء والممرضون وأسرة المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية مع عدد السكان¡ توفير فرص العمل ونصيب الفرد من المياه والكهرباء والأراضي الصالحة للزراعة….الخ مع الزيادة السكانية ومتطلباتها واحتياجاتها.
وقد شكلت ومازالت الأضلع الرئيسية لمثلث الحراك السكاني وهي (الولادات – الوفيات – الهجرة) أو ما تسمى بعوامل التغيير الديموجرافي الشغل الشاغل للدارسين والباحثين وصانعي القرار منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين كي تتمكن هذه العوامل الثلاثة من مواكبة برامج التنمية وتسير معها بتنسيق تام بما يحقق العدل والرفاهية والعيش الكريم بأبعاده المختلفة للإنسان خليفة الخالق على أرضه أينما وحيثما كان ولأن الإنسان في غالب الأحيان لم يستطع حتى الآن ضبط هذه المواءمة بقيت هذه العوامل في تضارب تام حتى يومنا هذا¡ وخاصة في البلدان النامية التي من ضمنها بلادنا فالنمو السكاني الذي يمثل الفرق بين الولادات والوفيات مايزال عاليا◌ٍ في كثير من بلدان العالم¡ ومن بينها اليمن الذي مايزال النمو السكاني فيها 3% وهو مايعني أنه من أعلى معدلات النمو في العالم كما أن الهجرة في اليمن رغم قدمها وتأصلها في جذور الشعب اليمني شكلت في النصف الثاني من القرن العشرين مشكلة كبرى لبرامج التنمية في البلد وزادت بوتيرة عالية خاصة الهجرة الداخلية والهجرة الإجبارية (الوافدة) إلى اليمن سواء من القرن الإفريقي أو من دول عربية وأجنبية أخرى وهو ما شكل أعباء◌ٍ إضافية جديدة أثر تأثيرا◌ٍ سلبيا◌ٍ في برامج التنمية وخاصة في المدن الساحلية.
وهكذا نرى أن الهجرة بمكوناتها الرئيسية الخارجية والداخلية والوافدة قد شكلت جانبا◌ٍ سلبيا◌ٍ خطيرا◌ٍ في المسألة السكانية ليس فقط من حيث النمو السكاني¡ ولكن أثرت على جوانب التغيير الاجتماعي للمهاجرين وهو الأهم وتأثير ذلك على الأوضاع الاقتصادية والصحية والتعليمية والثقافية¡ الأمر الذي فاقم من حدة المشكلة السكانية في اليمن.

قد يعجبك ايضا