من يكسب رهانات الحرب والسياسة في اليمن ¿
أكثر من خمسة أشهر منذ أن غامرت السعودية بقيادة تحالف عسكري يضم عددا من الدول لشن حرب على اليمن نجحت في قتل وجرح 27 الفا وتشريد قرابة مليون ونصف المليون يمني حسب تصريح منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانيةبالإضافة إلى تدمير البنى التحتية لليمن حيث تجاوز إجمالي الغارات الجوية 7000 غارة وهو رقم يفوق بكثير عدد الغارات التي شنتها قوات التحالف الدولية ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا خلال عام والتي لم يتجاوز 4600 غارة وقد استهدفت غارات العدوان كل محافظات اليمن سوى محافظة حضرموت التي تشن فيها الطائرات بدون طيار الأمريكية عمليات ضد عناصر القاعدة التي تسيطر على أجزاء هامة من المدينة.
عمد تحالف العدوان في بداية الحرب على اليمن إلى استراتيجية تشتيت الجيش واللجان الشعبية للحيلولة دون سيطرتهم على مدينة عدن وذلك من خلال الضربات الجوية والبحرية المكثفة التي استهدفت مواقع الجيش واللجان الشعبية ومحاولة قطع الإمدادات عنهمكما قام التحالف بالإنزال الجوي للسلاح لما يسمى المقاومة الشعبية وقد وصل جزء من هذا السلاح إلى عناصر القاعدة ورافق ذلك فتح عدد من جبهات القتال في المدن كتعز ولحج ومأرب والجوف وأبين وشبوة من خلال أدوات وعملاء السعودية في الداخل بالإضافة إلى تصعيد عسكري كبير على محافظة صعدة الحدودية معقل حركة أنصار الله التي نالت النصيب الأكبر من غارات تحالف العدوان حيث دمرت كل ما في صعدة ولكن هذه الاستراتيجية فشلت في تغيير واقع السيطرة الميدانية للجيش واللجان الشعبية حيث تمت السيطرة على مدينة عدن ومدن لحج والجوف وأبين وشبوة وأجزاء من مأرب وتعز وقد تم تأجيل دخول الجيش واللجان الشعبية في مواجهات عسكرية مباشرة على الحدود السعودية .
السيطرة الميدانية للجيش واللجان الشعبية على المدن دفع بالسعودية لتحريك الورقة الأمنية ومحاولة خلق اضطرابات أمنية وانقسامات في بعض المدن وفي مقدمتها صنعاء وذلك من خلال التحالف مع حزب الإصلاح الذي أعلن في بيان له بعد شهر من العدوان على اليمن وقوفه إلى جانب السعودية وتلى ذلك بدء مسلسل من التفجيرات الإرهابية استهدفت عددا من المساجد في العاصمة في محاولة فاشلة لإشعال فتنة طائفية مع إغفال حقيقة التعايش السلمي بين المذاهب في اليمن منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام بالإضافة إلى أن حقيقة الصراع الدائر في اليمن هو صراع سياسي بامتياز مهما أصرت السعودية ودول الغرب على إضفاء الطابع الطائفي على هذا الصراع.
النصر الوهمي لتحالف العدوان
الإنسحاب المفاجئ للجيش واللجان الشعبية من عدن ومدن الجنوب بعد أربعة أشهر من السيطرة مرده إلى عاملين رئيسيين هما :
– العامل السياسي ويبدو مرتبطا بطبيعة المفاوضات التي تجري بين حركة أنصار الله وحزب المؤتمر الشعبي من جهة والقوى الدولية والأقليمية من جهة أخرى والتي أظهر فيها الجانب اليمني حسن النوايا من خلال تقديم تنازلات مقابل إنهاء العدوان على اليمنمع التحذيرات المتكررة بأن الانسحاب من عدن سيترك فراغا أمنيا لصالح جماعات مسلحة أهمها القاعدة والإخوان المسلمين وهو مايحدث الآن فقد أشارت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إلى أن العشرات من مقاتلي تنظيم القاعدة حاولوا لفترة وجيزة السيطرة على قاعدة عسكرية والقصر الجمهوري في عدنكما قامت القاعدة بتفجير مبنى الأمن السياسي بالمدينة.
هذه الفوضى الأمنية تجعل الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي وحكومته الموجودة في الرياض غير قادرين على أمرين الأول هو العودة إلى عدن أما الثاني فهو الاعتراف بوجود القاعدة في عدن.
المرحلة القادمة ستفصح وبشكل كبير لأبناء عدن والجنوب بل وللعالم أن عدن أصبحت في وضع أسوأ مما كان وأن السعودية وتحالفها أخفق في تأمينها رغم حرص الجيش واللجان الشعبية على عدم إعطاء هذا النصر الوهمي (الإنسحاب من عدن) للسعودية بل أعطته للإمارات التي تعد أكثر تحفظا تجاه تنظيم القاعدة والإخوان المسلمين ولا تريد أن يكون لهما دور في مستقبل اليمن.
– العامل العسكريحيث إن الإنسحاب الذي شمل أيضا محافظات لحج وشبوة وأبين يعد تكتيكا عسكريا يبدو منسجما مع طبيعة الخيارات الإستراتيجية التي أعلن عنها زعيم حركة أنصار الله السيد عبدالملك الحوثي والتي يمكن أن يفهم أنها تتضمن نقل المعركة إلى العمق السعودي وهو ما يفسر طبيعة التحول النوعي الحاصل في العمليات العسكرية للجيش واللجان الشعبية من خلال الإنتقال من مرحلة الكر والفر في عمليات اقتحام المواقع السعودية على الحدود ومن ثم الإنسحاب منها إلى مرحلة التوغل في العمق السعودي والسيطرة على مواقعه العسكرية وصد محاولات استعادتها ويتضح ذلك من خلال التوثيق الإعلامي للعمليات العسكرية للجيش واللجان الشعبية داخل العمق السعودي والتي تبثها قناتي المسيرة واليمن اليوم وعلى اليوتيوب بشكل شبه يوميالأمر الذي يعكس حقيقة الخ