ألم يئن للإخوان أن يعوا¿
عبدالرحمن مراد
برز خلال ما سلف من أيام خطاب إخواني معارض لقرار تعويم أسعار المشتقات النفطية وقد دل ذلك الخطاب على نمطية التفكير والتفاعل عند “الإخوان” كما دل على غياب الرؤية والمشروع وشيوع مذهب الغنيمة في نمطية الخطاب وتكراره وفق نماذج قديمة وحين يكون الخطاب تكرارا أو نسجا على منوال ما يماثل الحال فهو يشير إلى حالة الثبات وفقدان القدرة على إحداث المتغير أو الانتقال والمتغير والانتقال مفردات ظل إعلام الإخوان يلوكها منذ 2011م إلى 21 سبتمبر 2014م دون أن يقول لنا مقاصدها أو يتحدث عن مفهومها بل تحدثت تجربته في الحكم منذ 21 فبراير 2012م إلى 21 سبتمبر 2014م عن شيوع فقه الغنيمة وغياب فكرة المشروع والتباس مفهوم التغيير أو الانتقال ومفهوم الديمقراطية والحرية فكانت تجربته امتدادا للماضي ولم تكن تعبيرا عن ثورة اجتماعية كان يقول بها ويتزعمها في الساحات وفي الميادين العامة لأنه جاء السلطة من باب الغنيمة وباب المكايدات السياسية ولم يأتها من باب الضرورة الاجتماعية وضرورات التغيير والانتقال من حال إلى حال وتلك النمطية في التفاعل والممارسة كانت سببا مباشرا في تعثر مشروع الإخوان وتناقضه وتضاده مع المستويات الحضارية والاجتماعية العربية ولذلك لم يكتب لمشروعهم التمكين منذ النشأة في بداية القرن الماضي كحركة مناهضة لحركة الانكسار والاضمحلال للدولة التركية التي أعلنت حالة الغروب في مطلع القرن الماضي ورغم التجارب المريرة وحركة الاغتيالات والثورات التي قاموا بها أو شاركوا فيها وثراء التجربة وكثافتها إلا أن الإخوان ظلوا على غبائهم يعمهون وظل خطابهم يدور في فلك التيه والالتباس لم يتغير ولم يتجدد وكاد الحال أن يصل بهم إلى مربعات خطرة وهي الحال الذي يفقد قدرته على الوجود ويذهب إلى العدم والعدم شعور قاتل ومدمر وقد كان هو السبب المباشر في المظاهر الإرهابية التي ترى في الأحزمة الناسفة والعبوات المتفجرة تعبيرا وجوديا في مقابل الشعور بالعدم وقد رأينا كيف يلجأ الإخوان في حالة النكوص والانكسار إلى العمليات التعويضية ففي رابعة في مصر بعد أن فقدوا مفردات وجودهم السياسية كان قادتهم يظهرون على منصات بميدان رابعة وهم يتحدثون عن رؤيا الرسول عليه الصلاة والسلام في مناماتهم وهو يبشرهم بالنصر وعلى نفس المنوال تحدث ابن الشيخ الزنداني وأتباعه عن معجزات شابهت معجزة الرسول عليه الصلاة والسلام حين تداعت قريش إلى بيته لقتله وأنتدبوا من كل قبيلة فارسا من فرسانها للقيام بالمهمة وقالوا في منشوراتهم على شبكة التواصل الاجتماعي لقد أحاط الله بعنايته الشيخ كما أحاط نبيه من قبل ومر بثلاثين نقطة عسكرية دون أن يسألهم أحد ووصل الحال ببعضهم إلى القول أن شعار الحوثي كان يظهر على لحية الشيخ وهو يثر “البردقان” على رؤوس القائمين على النقاط الأمنية وزاد بعضهم قائلا إنه اعتمر قبل أن يحط رحاله في مكان إقامته في الرياض وبصورة فيها من العناية الإلهية ما لا يمكن تصوره وقد يظن الإخوان أن مثل ذلك يمكن تصديقه وقد يحفظ لهم حالة التوازن النفسي والاجتماعي وهم في حقيقة الأمر يعملون جاهدين في ذات الطرق التي تطعن في الدين من داخله من خلال الاشتغال على الماورائيات والغيبيات في إحداث التوازن النفسي أمام حركة الزمن ومتواليات الهزائم والانكسارات التي تلاحقهم إذ ما كاد مشروعهم يستقر في مصر حتى أصبح حلما وخيالا وظل الأمل في اليمن قائما وبين غمضة عين وافتتاحها أصبح وهما لم يستوعبها الإخوان حتى اللحظة ولذلك فإن الصدمة النفسية والاجتماعية والسياسية كانت أكبر من الطاقة الاستيعابية الذهنية والوجدانية لهم فهم في مصر بعد كل هذا التطور في المستويات المتعددة الاجتماعية والثقافية والسياسية واقعون في وهم الانقلاب ولم يفق منه قادتهم ولم يستوعبوا ثورة الجماهير الغاضبة التي خرجت وملأت مدن مصر كلها رفضا لهم ولأسلوب إدارتهم للشأن العام فالتضاد بين الخطاب والسلوك كان صادما للجماهير الثائرة وكذلك كان في اليمن فكان خروجهم من الصفوف الأمامية للثورات التونسية والمصرية واليمنية ضرورة اجتماعية وثقافية ذلك لأن الجماهير لا تخلص إلا لمن تشعر بإخلاصه وتفانيه في التعبير عن طموحاتها وتطلعاتها ولذلك لم يدرك الإخوان في اليمن أن الجماهير اليمنية فقدت ثقتها فيهم فكانت معارضتهم لقرار تعويم أسعار المشتقات النفطية فاشلة لأن النتائج جاءت عكسية ولم تكن معارضتهم إلا هزيمة مضافة إلى هزائمهم الكثيرة لقد دخل الإخوان في حالة التيه ولن يفيقوا من تلك الحالة إلا بعد أربعين عاما.
لم يعد أمام الإخوان في اليمن من خيار سوى الاعتراف بالفشل وتجديد الأهداف وتحديد المفاهيم والوعي بالمستويات الحضارية الجديدة إن أرادما نجاحا في مستقبلهم.