الشعب اليمني أقوى
تحل علينا اليوم أول جمعة مباركة من شهر رمضان الفضيل ونحن نبتهل إلى الله عز وجل أن يفك محنتنا ويفرج كربتنا وأن يحفظ أهلنا وشعبنا ووطنا من شرور الحاقدين ومؤامرات المتربصين.
ويأتي شهر رمضان الكريم هذا العام وبلادنا تتعرض لعدوان وحشي يفتك بأبنائها ويغير على مقدراتها ويستهدف منجزاتها بالتزامن مع حصار اقتصادي جائر فرضته قوى الشر والعدوان لتجويع شعبنا وحرمانه من أبسط مقومات الحياة الأساسية إلا أن ذلك لم يثن شعبنا الصامد ولم ينل من عزمه وعزيمته على الاستمرار في ممارسة حياته الطبيعية رغم الظروف الاقتصادية الخانقة وتحت نيران القصف البربري لما يقرب من ثلاثة أشهر متواصلة.
وخلافا لكل التوقعات أذهل اليمنيون شعوب الأرض بقوتهم الجبارة وصمودهم الأسطوري في وجه الترسانة العسكرية الهائلة لأقوى دول العالم وأغناها والتي أطلقت أحدث ما انتجته التكنولوجيا العسكرية وأخطر ما لديها من الأسلحة النيترونية والفسفورية والعنقودية والفراغية وغيرها من الأسلحة المحرمة دوليا التي أرعبت أطفال ونساء اليمن.. لكنها لم تكسر إرادة هذا الشعب ولم تحقق أهدافها في إخضاعه والسيطرة عليه ومصادرة حقه في الحياة الحرة الكريمة .. فهذا العدوان وهذه الحرب الكريهة إنما زادت من قوة وصلابة هذا الشعب والجراح التي اثخنته قد مدتúه بمزيد من الإصرار على التحدي والتصدي والمقاومة ورغم كل ما خلفته هذه الحرب الهمجية من الدماء والدمار والأوضاع الإنسانية الكارثية الناتجة عن الحصار إلا أن شعبنا استطاع التغلب على الصعاب وتحمل الآلام وتكيف مع ظروف العوز والحرمان وشظف العيس وابتكر البدائل المثلى لوسائل الحياة دون الرضوخ والانكسار أو الاستسلام.
هذه الإرادة اليمنية القوية احبطت أهداف العدوان واسقطت المشروع السياسي التآمري ضد اليمن بل ووضعت قوى العدوان في مأزق عسكري وسياسي خطير يصعب الخروج منه وهي التي راهنت على حسم الأمر عسكريا في غضون أيام معدودة .. فسقط الرهان وصعدت عدوانها الجوي وحربها البرية عبر حلفائها في الداخل ودعت إلى ما اسمته حوار الرياض وفشلت وفيما لم يحقق استمرار العدوان أية نتائج تذكر رفضت الحوار الذي حددته الأمم المتحدة أواخر مايو الماضي وكثفت عملياتها العسكرية العدوانية بغية تحقيق أي تغيير على الخارطة العسكرية في الميدان قد يدعم موقفها السياسي ويمكنها من تمرير مشروعها وفرص إرادتها على اليمن عبر أي حوار أو مفاوضات قادمة.
لكن الانتصارات العسكرية ما لبثت تأتي تباعا لصالح الشعب اليمني المقاوم على الأرض وبات استمرار العدوان يحقق نتائج عكسية فسارعت قوى العدوان إلى إعلان موافقتها على دعوة الأمم المتحدة لعقد مؤتمر حوار يمني – يمني في جنيف برعاية أممية وبدون شروط مسبقة بين المكونات السياسية اليمنية المعروفة بأسمائها ومسمياتها.
واليوم يتطلع اليمنيون ومعهم كل قوى الخير والسلام في العالم إلى أن يخرج المتحاورون بنتائج إيجابية تفضي إلى عملية سياسية حقيقية تخرج البلاد من أزمتها الساحقة وتوقف هذه الحرب الظالمة وتؤسس لبناء دولة تقوم على الشراكة المتساوية بين كل القوى السياسية اليمنية التي تدين بالولاء لهذا الوطن وتعتز بالانتماء إليه وتعمل على حمايته وتحقيق حريته واستقلاله.
شهر كريم وكل عام وشعبنا ووطننا اليمني بخير وأمن وسلام.