معاناة يمني عالق في مصر
الغربة المفروضة عندما تجد نفسك في غربة مفروضة عليك وتجد كل ماحولك غريبا جدا فهذا هو جوهر المعاناة.
لقد كنت في رحلة علاجية في دولة مصر مع كثير من اليمنيين الذين يسافرون بحثا عن العلاج في الخارج , أغلب من عرفتهم لا يوجد فيهم واحد كان في رحلة ترفيهية للقاهرة وكانت بداية الرحلة في منتهى السعادة كوننا وصلنا إلى مكان يصعب على البعض الوصول إليه وأننا قطعنا الخطوة الأولى في الطريق نحو العافية.
وقتها وخاصة في الأسابيع الأولى في القاهرة لم نكن عابهين بما نقوم بصرفه من مبالغ باهظة ثمنا لفائدة العلاج , ومع قمة السعادة التي كنا فيها لم نتخيل أن الحرب بدأت تقرع طبولها بعدوان غاشم على الوطن.
تألمنا كثيرا لما سمعناه وشاهدناه في وسائل الاعلام واستمرار العدوان ,أيقنا بأن اليمن أصبح غزة يقصف فيه كل شيء دون سابق إنذار ,وهنا بدأت مأساة هذه الرحلة كنا نعتمد عند احتياجنا لمبالغ لاستكمال العلاج بمجرد اتصال ليقوم أحد الاقارب بارسال ما نحتاج اليه من نقود بشكل طبيعي كون كل مسافر لم يحمل كل الفلوس التي يحتاج إليها خوفا عليها من الضياع بالرغم من أن هذه الأموال التي سافرنا بها البعض قد باع أرضا أو سيارة من اجل السفر للعلاج واشتدت معاناتنا باقفال مراكز تحويل المال إضافة الى أن أغلب المسافرين قد استنفدوا كافة أموالهم ولم يتبق لهم من أجل أن يتم تحويله لهم من اليمن.
ذات يوم قررنا مع كثيرين عالقين أن نجتمع مع المسافرين الذين في حيرة أمام السفارة علهم يجدون بارق أمل في سفارتهم التي لم يجدوا فيها لوطنهم سوى علم الجمهورية اليمنية فقط.
وأغلب الحالات كانت قد استنفدت كل أموال العلاج وعلى وشك السفر وهنا حصلت الطامة الكبرى , تم إقفال كافة المطارات اليمنية وإلغاء كافة الرحلات من والى اليمن.
وكل يوم يأتي يكون كالكابوس وهناك أسرة نامت في العراء دون رحمه من السفارة وكأنها ليست معنية برعاياها اطلاقا.
وذات يوم طلبت السفارة من الجميع صورا لجوازاتنا وعمل استمارات خاصة ,قمنا بتعبئتها بعناوين إقامتنا وأرقام تلفوناتنا, كان الناس متفائلين فقد يكون الفرج غدا أو بعد غد المهم كل شوية يخرج ابراهيم الجهمي ليحلف أشد وأغلظ الايمان بأن هناك ترتيبات لغرض تسفيركم.
ويوما بعد يوم نكتشف بأن السفارة تشحت باسم العالقين اليمنيين وأنها أخذت مبالغ مستخدمة تلك الصور والاستمارات التي قمنا بتصويرها وإعطائها لهم ..ولا حول ولا قوه إلا بالله.
وللحديث بقيه ..