اليمن الحزين

مرت اليمن خلال العقود الماضية بعدة مراحل من الاضطراب السياسي والأمني كان آخرها ما حدث خلال ما يعرف بثورات الربيع العربي حيث تمت الإطاحة بالرئيس السابق علي عبد الله صالح من الحكم بعدما ظلت اليمن تحت قيادته لعشرات السنوات دون إحداث أي تغيير أو تطوير في البنى التحتية ومفاصل الدولة لتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة من الاضطرابات مازالت مستمرة حتى الآن.
خلال الأيام القليلة الماضية تآمرت الدول الخليجية وبعض حلفائها في منطقة الشرق الأوسط ضد اليمن وأعلنت السعودية التي تقود التحالف العشري لضرب اليمن عن بدء تنفيذ عملية “عاصفة الحزم” وهو الأمر الذي أدى إلى تعقيد المشهد باليمن حتى أضحى الحديث عن مبادرات سياسية لتسوية الأزمة أمرا يصعب فرضه مع لغة السلاح والغارات الجوية التي تنفذها دول التحالف في اليمن.
لم يقتصر الأمر على تدخل السعودية وبعض حلفائها من دول الخليج والدول العربية بل هناك لاعبون إقليميون وغربيون في الأزمة أبرزهم تركيا التي قادها هوس الجنون إلى كثير من الأخطاء الخارجية أولها مع سوريا كذلك توجد إسرائيل التي تخشى من هذا الحراك الجاري في اليمن ولا ترغب في صعود أنصار الله إلى السلطة خوفا من علاقاتهم مع إيران أو حزب الله وتبقى الولايات المتحدة الأمريكية اللاعب الرئيسي في الأزمة وإن كان عبر منح هذه الدول الضوء الأخضر للتحرك وبدء تنفيذ العملية العسكرية.
انعكاسات هذه العملية العسكرية التي تشهدها اليمن منذ عدة أيام سوف تمتد إلى سنوات مقبلة وربما تعيد رسم خريطة المنطقة بأكملها لاسيما وأن اندلاع الحرب الأهلية في الشرق الأوسط بات قاب قوسين أو أدنى من التحقق على أرض الواقع خاصة في ظل الأحداث المتلاحقة التي تشهدها المنطقة بدءا من انتشار التنظيمات الإرهابية وصولا لتزايد حدة النبرة الطائفية.
تدخلت العديد من الأطراف الفعالة في الأحداث التي شهدتها اليمن منذ عدة أشهر فبين نظام علي عبد الله صالح وبين اللاعبين الإقليميين فضلا عن الأطراف الغربية أصبح اليمن الحزين بعدما ارتبط به وصف السعيد لفترات متباعدة ليعلن صوت غارات التحالف العشري تحول اليمن من السعيد إلى الحزين بعدما تساقط النساء والأطفال والشيوخ على أرض اليمن.
هذا التحالف الذي ادعى في بيان العدوان على اليمن أنه هب لنصرة الشرعية هناك تقوده الرياض التي كانت ولا تزال ملجأ الهاربين والطغاة الذين سعوا في الأرض فسادا وتخريبا وتجهيلا فكيف لها بعد أن احتضنت هؤلاء المجرمين أن تخرج لنصرة الشرعية¿ ثم كيف لها تسعى لإسقاط الشرعية في سوريا والإطاحة بنظام بشار الأسد في دمشق وتدافع عن الشرعية في اليمن وتحمي نظام منصور هادي¿ كل ما تفعله الرياض بعيد كل البعد عن الأعراف والمواثيق والمبررات هي تسير فقط وفق مصلحتها وتنفذ أجندات غربية صهيونية دون النظر إلى انعكاسات ذلك عليها قبل باقي دول المنطقة فهي تدفع الكرة بكل قوة نحو الحائط دون التفكير في ارتداد الكرة عليها مرة أخرى.
ربما لم تدرك هذه الدول التي قررت الانصياع للرغبات السعودية حجم الخطأ الذي ارتكبته حتى الآن لكن بدون شك سوف تدفع هذه الدول ثمن ذلك خلال المستقبل القريب وقتها ستجد نفسها وحيدة تواجه مصيرها لا تناصرها السعودية التي ألقت بها في بحور الهلاك خاصة إذا ما تعارضت مصلحة الرياض مع تلك الدول الحليفة لها خلال الوقت الراهن مستقبليا وهو احتمال وارد وبكل قوة فالتحالفات السياسية شيمتها التقلب وعدم الثبات فأعداء الأمس هم أصدقاء اليوم.
* نقلا عن موقع البديل المصري

قد يعجبك ايضا