من الحوار التاريخي إلى عاصفة العدوان
المتابع المنصف لمحطات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وما شهده من تلكؤ سياسي كان يلاحظ أن كل محطة تلكؤ أو تعثر كان قرار تحريكها باستئناف الحوار لا يتم إلا بقرار خارجي أي بعد وصول جمال بن عمر الذي كان يمنح الرئيس عبدربه منصور هادي – رئيس الجمهورية المحتفى به طوال أيام الحوار- ومستشاريه ونوابه في الحوار جرعة العزم على الانتصار لحق الشعب اليمني في تقرير الحلول الذاتية لمشاكله المزمنة..
كان جميعنا كإعلاميين ومتابعين ومهتمين عشنا الحوار وجدانا وأملا نتفاءل كثيرا ونتقاسم الأمل بأن اليمن إلى خير.. وحين تسود الرؤى أمامنا وأمام أي متابع نلجأ إلى التفاؤل مرة ومرتين وثلاثا كما هي عادة اليمنيين وكذلك نلجأ إلى تحكيم حسن النوايا في التفكير بضمائر من يديرون الحوار بل وطرد الشكوك بعمالة من يتسنم شرعية رئاسة وإدارة الحوار الوطني وكتبنا حسن نوايانا بدماء قلوبنا -بكل ما في قوانا من قدرات- ليس نفاقا وإنما تيمنا بالتفاؤل في إخراج الوطن إلى بر الأمان..
كان الرئيس الهادي من دار في فلكه ممن أداروا أطول حوار يمني أستنفد ما تبقى من مقدرات وطنية يرتاحون لهذا الشعور والإحساس الإعلامي والجماهيري غير أنهم كانوا يترصدون بخبث لأوان لحظة التدخل الأجنبي في اليمن كما واضحا من انتظار الجماهير اليمنية والقوى السياسية لكافة اجتماعات مجلس الأمن الدولي خلال فترة حوار اليمنيين الوطني ..
احتمال التدخل الأجنبي وليس تدخل أشقائنا كان قائما في نظر النخب والجماهير وعلى أساس معطيات الرعاية الدولية وفي حدود تنفيذ المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وليس خارج نطاق العقل والإنسانية وتدمير اليمن بل لم يكن التدخل قناعة مطلقة..
لكن بعض الرموز القيادية والرئاسية لمؤتمر الحوار الوطني وعلى رأسها (عبدربه منصور هادي- رئيس الجمهورية المستقيل) كانت على قناعة بضرورته فقد أغراها الوضع بتحويل أيمانها الدستورية بحفظ أمن اليمن والتضحية من أجل صون مصالحه العليا على كل شبر من أراضيه إلى أيمان غموس استقطعته في لحظة ثقة عمياء من أبنائه لتصر اليوم على ضرورة استمرار العدوان حتى عودتها إلى كراسي السلطة رغم استقالتها المعلنة..
قناعة هادي وثلته بضرورة التدخل الخارجي كانت نابعة من إدراكهم أن الجماهير المشاركة في الحوار الوطني والقاعدة الشعبية الحالمة بوصول سفينة اليمن إلى بر الأمان وأن المخرجات أيا كانت في ظل هذا الزخم الجماهيري لا تخدم مصالحهم وأن عليهم تسميمها رغبة في هذه اللحظات المؤسفة والموجعة من تاريخ اليمن الذي يستهدف في سيادته وكرامته وسكينته وأمنه..
لقد تمخض هذا الحوار الوطني الشامل بين اليمنيين وفرقاء الصراع السياسي الذي أثقل اليمن عقودا من الزمن عن عاصفة العدوان البربري والهمجي على سيادة الخارطة اليمنية مستبيحة الأنفس والبنية التحتية وكل مقومات الدولة التي تبقت بعد تلك الصراعات.