الفرصة!!

يقولون أنه حين تكتب- أزمه- باللغة الصينية الرشيقة فإنها تتألف من حرفين أحدهما يمثل الخطر… والآخر يمثل الفرصة.
هذا على مسؤولية حكيم صيني والصينيون أهل عقل.. وصبر.. وحكمة وقد نهضوا من أزماتهم.. وحين فعلوا اهتز العالم خوفا واحتراما.
أزماتنا أكثر معشر العرب وعقولنا أصغر وحكمنا ما أكثرها وأنفعها لكنها جامدة في بطون الكتب والقواميس لا قيمة لها ولاعرفان.
من غرس الزهد أجتنى العزة من غرس الاحسان جنى المجد من غرس النكد جنى الكمد ومن غرس الكذب جنى الخزي.
آفة الهوى استصغار الخصم آفة العلم حب الرئاسة آفة النعمة سرعة المن وآفة الحزم شتات الرأي.
تراث ثري من العبر الدامغة والحكم الجامعة تمر امامنا فلا نعيرها نظرة.. وحين تقع المصيبة نستحضرها نكران وفجور وعناد وغرور.
تلك مقدمة والموضوع أن الازمات تفرز أنباء وأسماء.. ووجوها ورتوشا ومواقف وعواصف وجزعا وقلقا.. وبطولات وألقا.
ومن رحم الخوف والخلاف.. والأنقاض والدمار تبزغ النجوم يظهر الزعماء والقادة.. والحكماء  والنبهاء والشجعان والامناء.. والكرام والعظام.
الأزمات مراحل فاصلة في حياة الشعوب الحرة الحية النابهة توقظها وتوحدها تصقلها وتقويها فتجعلها أمة مهابة عصية لا تنحني للضيم والطغيان.
وفي الأزمات.. وتحت أزير الطائرات يختفي ابطال البدرومات- تتلاشى المغامرات والتصريحات لا شطح.. ولا نطح أين أنتم¿ كيف أنتم¿ ومن أنتم¿ .
موسم تشهد فيه الغرائب والأهوال والعجائب شهار الألقاب والرتب ويرفع اللوم والعتب لايثبت غير الصلب العنيد بعد أن خذله القريب والبعيد.
والابواق العارية والبراميل الخاوية هذا سوقها تدوي بالشائعات تبحث عن الحقيقة فلا تجد لها أثرا وعن العقول الراجحة فلا تبان ولا تظهر.
زيف بلا وعاء.. وكذب بلا حياء.. ترصد ماتراه فيسوؤك وتنقل ماتسمعه فيهولك ولا تدري هل نحن على وجه الأرض¿ أم في فضاء الفيس بوك¿
الأفق يحجبه الغبار الخانق لا حكمة ولا ذمة وحولنا عالم غارق في الدسائس والمؤامرات كل ينتهز الفرصة ليرفع رصيده في البورصة بيع وشراء ونفاق ورياء.
والملعب السياسي مفتوح على مصراعيه للهواة والغواة والقابضين والعابثين وثمة أربعة أو خمسة يلعبون برؤوسنا والباقون يجمعون الكرات الطائشة.
مجلس الأمن محاصر بالفيتو والجامعة العربية محاصرة بالدولار والصين مشغولة بالزلازل وروسيا بجزيرة القرم وايران بالملف النووي.
الأزمة كشفت لكل عاقل حكيم أننا بلا أصدقاء وأن اعداءنا أكثر مما كنا نظن وفي هذا فرصة للعبرة والتأمل.. والصبر.. والتواضع.
ولعل الأزمة تعيدنا إلى رشدنا وتخلع عنا الكبر والعناد تعيد المحبة إلى صدورنا والرحمة إلى قلوبنا لانه ليس لنا إلا بعضنا رضينا أم كرهنا.
وبعد الذي جرى¿ ويجري سنعود إلى الحوار فلما لا نلعن الشيطان  نصون الدماء.. نقلل الخسائر نرشد الخصام والكراهية.
يتعلم البشر من عثراتهم وتنهض الأمم من أزماتها حين يتذكر من تبقى من حكمائها أن الصينيين على حق في حكمتهم المأثورة والمذكورة في السطور المرصوفة أعلى هذه اليوميات.

قد يعجبك ايضا