الوطن ليس أغنية

لماذا يكتب الشعراء شعرا في الوطن وحبه¿ ولماذا يضع الملحنون لهذا الشعر لحنا¿ ولماذا يغني المطربون هذا الشعر على ذلك اللحن¿
لابد أن ما يفعله هؤلاء الأدباء والموسيقيون والمطربون ليس عبثا كما أنه ليس ترفا أو تزجية لأوقات فراغهم.
إن ما يفعله هؤلاء هو عمل وطني عظيم لأنهم بذلك يقدمون لنا معنى الوطن في أجمل وأبهى صورة ويزرعون في نفوسنا حب الوطن فللفن مفعول السحر في تربية النفوس وتهذيبها وترقيقها وإثارة كل أحاسيسها ومشاعرها العاطفية منها والحماسية فتترسخ فيها كل القيم السامية وتستطيع أغنية وطنية واحدة أن تغير السلوك وتعزز في النفوس قيم حب الوطن والإخلاص له أكثر من عدد من الخطابات السياسية.
من هنا نسمع ونشاهد لجوء وسائل الإعلام الرسمية إلى كثرة بث الأغاني الوطنية في المناسبات الوطنية أو حين يكون الوطن في أزمة أو في حرب.
لو نحاول إحصاء الأغاني الوطنية اليمنية ترى كم سيكون عدد هذه الأغاني منذ الثورة حتى اليوم¿ لا شك إنه عدد كثير ولكن هل استطاع هذا العدد الكثير من الأغاني الوطنية أن يؤثر فينا ويجعلنا نحب الوطن حبا حقيقيا¿ وإن كنت أقصد السياسيين الذين أصابتنا خطاباتهم وأحاديثهم عن الوطن بالصداع وهم في الصف الأول مع من يفرطون فيه حين يتعارض حب الوطن مع مصالحهم بل هم أول من يخونون أمانتهم الوطنية ويسعون إلى تدميره في سبيل البقاء في السلطة أو الوصول إليها.
الحقيقة أننا فشلنا في التربية والتوعية بحب الوطن وهذا هو السر الخفي وراء ما يحدث من أزمات وصراعات سياسية واختلالات أمنية فلو كنا قد نجحنا في تعزيز حب الوطن في النفوس لما وجد بيننا فاسد أو مجرم أو عميل أو ناهب أو مرتش أو قاطع طريق لأن كل ما يفعله هؤلاء يتعارض ويتنافى مع حب الوطن.
الوطن ليس أغنية نرددها أو نستمتع بها أثناء الاستماع إليها ثم لا يكون حب الوطن سلوك وقيمة فينا.
الأغنية الوطنية هي الأغنية الوحيدة التي نسمعها في الإذاعة والتلفاز ولا نجد الناس حريصين على اقتنائها في شريط كاسيت أو قرص صلب أو نحفظها في الجوال كالأغنية العاطفية مع اعترافنا أنها من أجمل الأغاني شعرا ولحنا وأداء.
فأغنية مثل (من كل قلبي أحبك يا بلادي) للمطرب الكبير أحمد قاسم هي من أجمل ما سمعته ولا تزال رغم قدمها متجددة هذه الأغنية لن نجدها سوى في الإذاعة أو في التلفزيون.
ثمة خلل في علاقتنا مع الوطن ولم تستطع الجهات المعنية الرسمية وغير الرسمية أن تؤدي واجبها في التربية والتوعية بالوطن ومعانيه السامية ذلك أن الأدباء الذين كتبوا في الوطن أجمل النصوص والأعمال الأدبية هم أكثر الناس إحساسا بأنهم لم يجدوا من قادة هذا الوطن التقدير والإنصاف الذي يليق بهم وذلك دليل على أن قادة الوطن لم يتأثروا بما كتبوه فكيف سيتأثر بكتاباتهم عامة الشعب!¿

قد يعجبك ايضا