قرع الطبول

آثار موضوع اشتعال النيران في إحدى الآبار بمنطقة خولان محافظة صنعاء لغطا كبيرا وانبرى المفسرون لهذه الظاهرة بين من يقول أنها غاز والبعض يقول بترول والبعض يقول إن الأرض تتنفس وهناك من ذهب بالتفسير إلى أن القيامة ستبدأ من خولان وهكذا كما أن هذا الموضوع أثار الكثير من النكات التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي لكن الذي غاب فعلا هو التفسير العلمي الصحيح الذي كان يجب أن يصل قبل كل هذه التأويلات والتفسيرات.
ومهما يكن الأمر بوجود الغاز أو البترول وهذا شيء جيد لأنه سيضيف موردا جديدا لليمن لتستعين به لتحسين اقتصادها القومي لكن ما لفت نظري في الموضوع أن هناك مناطق في اليمن أصبحت تحفر إلى أكثر من ألف متر في باطن الأرض بحثا عن المياه بعد أن كان الحفر إلى وقت قريب لا يتجاوز عشرات الأمتار وهذه هي الكارثة الحقيقية التي يجب الوقوف عندها والنظر في أخطارها وكيف يتم التغلب عليها فشحة المياه بل وانعدامها في الكثير من المناطق في اعتقادي هي المعضلة الرئيسية التي ينبغي أن نبحث لها عن حل.
هناك الكثير من التقارير التي تؤكد أن اليمن ستواجه خلال السنوات القادمة أزمة مياه حقيقية وكارثة يصعب التغلب عليها وتوصي تلك التقارير بضرورة العمل على حلها وبشكل عاجل وإلا فإن البلاد ستدخل في كارثة حقيقية على اعتبار أن المياه هي عصب الحياة وربما أهم من النفط والغاز ويمكن أن يدخل الناس في حروب طاحنة وفق تحذيرات مراكز الدراسات والخبراء بما أسموه حروب المياه التي ستعلن خلال العقود القادمة سواء بين الأفراد داخل الدول أو بين الدول فيما بينها وما يحصل الآن بين مصر وأثيوبيا والسودان وبين الأردن وسوريا وإسرائيل ولبنان على المياه ينذر بهذه الحرب القادمة.
ربما أننا في اليمن لا نعير هذه القضية أي اهتمام في الوقت الراهن ومازلنا نستنزف ما تبقى من المخزون المائي الذي تم خزنه على مدى آلاف السنين فكل تصرفاتنا العبثية بالمياه تؤكد ذلك وكل الحكومات السابقة التي تعاقبت لم تعمل على معالجة مشكلة المياه كما يحصل في دول كثيرة استشعرت بخطورة القضية وقامت بدراستها من كل جوانبها ووصلت إلى بعض الحلول أهمها ترشيد الاستهلاك وتنفيذ مشاريع لحصاد المياه وخزن مياه الأمطار وبناء الحواجز والسدود لتغذية المياه الجوفية وغيرها من الحلول الآنية والمستقبلية.
ومن يزور بعض بلدان أوروبا رغم أنها تقع على أنهار كبيرة وصغيرة إلا أنه يلمس كيف أنهم اخترعوا وابتكروا طرقا كثيرة لترشيد استهلاك المياه وكيفية تعزيز المخزون المائي لديهم حفاظا على هذه الثروة وهم بهذا ربما استفادوا من حديث الرسول الأكرم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي يحذر فيه من الإسراف في المياه حتى ولو كان الإنسان يعيش على ضفاف نهر جار بينما نحن في اليمن نعبث بالمياه عبثا غير منطقي وخاصة في زراعة القات الذي استنزف كل ما لدينا من مخزن مائي وبشكل غير مسبوق .
أتمنى أن يكون ما حصل في خولان درسا نستفيد منه ويكون هناك توجه لدراسة الوضع المائي في البلاد ووضع الحلول المناسبة والملائمة لهذه المشكلة وحتى لا نجد أنفسنا نبحث عن المياه كما يبحث الإنسان عن الجن.

قد يعجبك ايضا