“عدن”.. وتماس الوحدة الوطنية

تتغير المعادلة لمصلحة الخير والخلاص من الشر فقط حين يصل صراع اليمنيين إلى تماس الوحدة الوطنية وتحديدا إلى عدن العصية على العصبية ودعوات الشتات والتمزق..
صحيح أنها تأخذ اليوم حصتها من ويلات ومآسي ما بعد ربيع 2011م.. فتن وحروب وصراعات دموية توزعت على معظم محافظات الجمهورية اليمنية.. لكن عدن تبدو محطة الفصل الحقيقي لصالح أحلام اليمنيين المنبثقة من وحدة الهوية والجغرافيا والإنسان..
ربيع 2011م كان محطة هامة تقاطعت فيها إرادة القوى في التغيير ومطامع أقطاب صراع متنافرة ما كان لها أن تجتمع تحت خيمة إلا في سبيل إسقاط “النظام السياسي”.. فسقط للأسف الشديد نظام قيم التعايش والتقارب والصدق في الخطاب والأفعال ونظام احترام الاختلاف والقبول بالآخر.. غير أن للأمل بقية وللتفاؤل بروق تشع من ركام الصراع لتستبين بجلاء خيوط الفصل بين الليل والنهار..
وبهذا القدر من المفارقات تظل عدن هي جغرافيا السياسة الفاصلة بين شتات اليمنيين ووحدتهم.. إذ يعتبر المؤرخون عدن بمثابة المحطة الأخيرة لأباطرة الحرب وجنرالاتها لتغادر المشهد مسدلة الستار على ماض من المخاطر المحدقة باليمن ووحدته وأمنه واستقراره.. انطلاقا من كون عدن كانت حاضنة المسار التحرري اليمني والعربي لشبه الجزيرة العربية وكانت أرض خصبة لنمو الحلم الوحدوي اليماني وراسية لا يغادرها الثبات بسارية المجد الوحدوي اليماني..
صحيح أن عدن شهدت كثيرا من المآسي والمجازر التي كتبتها قوى الصراع السلطوي التي لا تراعي مصلحة شعب ولا حلم أجيال وها هي اليوم تشهد في كل لحظة اغتيال كينونتها الوحدوية وحضورها الإنساني في تعايش البشر واتساق أحلام الأجيال من كل أصقاع المعمورة اليمنية عبر التاريخ.. لكن عدن بعمقö تاريخها العريق كانت ولم تزل مقبرة للشر ومفخرة لقيم الخير والتعايش والوجدان الوحدوي خصوصا بعد أن وصل الحال إلى هذا الحد من نزاع الخير والشر واستفحال الشر تنكيلا بالأبرياء تحت يافطات مناطقية..
فاليمنيون اليوم لم يعد بإمكانهم الحلم بأن يكون لهم نجاح جديد على درب الحكمة اليمانية وشعاراتها بل لم يعد الفخر قائما بالحكمة والحوار والصبر والمناورة فكلها لم تزد اليمنيين إلا خذلانا ولم تمنحهم إلا خراب بنيةö كل ما ينبغي أن يكون أساس دولة يأمن إليها المواطن المغلوب على أمره والمنتظر لحفنة من الساسة يتحاورون بلا طائل..
 كما لم يعد اليمنيون يحلمون بما خطته خطابات وبيانات الأزمات المدغدغة لجراحات ومشكلات البلد والوطن.. بل صار كل يمني يحلم بصون كرامته ووحدته التي حلم بها لعهود وقرون طوال وبأي ثمن كان وبأي حاكمية كانت فالمنشود لم يعد هو شكل السلطة والدولة والنظام بل صار المنشود هو دولة الوحدة القوية الكفيلة بإقامة العدل تحت سماء الوحدة الوطنية والمواطنة المتساوية.. ومن سيلبي ذلك فستكون ورقته هي الرابحة بعد أن فاض الكيل بالألم..

قد يعجبك ايضا