وحوش تمشي في الأسواق!!

يقال عن اليمنيين إنهم مجتمع متدين بطبعه, وكونهم كذلك يعني أنهم أكثر تمسكا بالقيم والعادات والأعراف الإيجابية التي تجعلهم مجتمعا حيا مترابطا, قادرا على النماء والنهوض بما لدى الإنسان اليمني من ذهنية أميل إلى النضج, وعواطف جياشة تقرب الناس إلى بعضهم وتجعلهم يتناسون ما يحدث بينهم من خصومات.
ولكننا نقف اليوم على جملة من الأحداث والجرائم التي تحمل إشارة التحذير والتنبيه من مغبة الاستمرار في الموقف السلبي إزاء فظائع تهز مشاعر الناس وتهدد ميراثهم الأخلاقي إذا ما استمرت ضربات أهل الخطيئة في ارتكاب الجرائم والأفعال المشينة التي ليست من أفعال اليمنيين ولا من أخلاقهم.
قبل عدة أسابيع نقلت وسائل الإعلام أن مجهولين في أحد شوارع مدينة تعز نزلوا من سيارتهم وألقوا برجل عجوز مشلول مع فراشه على أحد الأرصفة أو أمام أحد المحلات ثم لاذوا بالفرار, ليتخلصوا من عبء إنسان مقعد تأخرت ساعة وفاته فقرروا التخلص منه تأديبا لإصراره على البقاء!! ولا يصنع هذا إلا أناس فقدوا إنسانيتهم وتجردوا من كل الأخلاق والمبادئ والقيم حتى أصبحوا حيوانات بأجساد بشر.
ثم ترامت إلى مسمعي في الأيام الخوالي أخبار جرائم كثيرة تهدد الأمن والسلام المجتمعي, وكان آخرها وأفظعها جريمة الأسبوع الماضي, فقد نقلت وسائل الإعلام خبرا عن جريمة مروعة في صنعاء هزت مشاعر اليمنيين, تمثلت في تعرض طفل رضيع في الثانية من عمره إلى ضرب وتعذيب جسدي بأكثر من وسيلة, كان آخرها تعرضه لضربة في الرأس بشيء قاتل خر لها صريعا, والمجرم هنا امرأة.
هل هذا معقول¿ أهناك إنسان عاقل في هذه الحياة يمكن أن يمد يده بكل هذه الوحشية إلى طفل في أيامه الأولى¿ بل أهناك إنسان عاقل يمكن أن يوجه اعتداء واحدا على رضيع تنخلع القلوب لرؤيته باكيا, فكيف وهو يصارع سكرات الموت جراء اعتداء وحشي لم يسبق أن رأينا مثله من قبل¿!
هذا شيء قد لا نصدقه لولا أن الخبر جاء مشفوعا بالصور.. أي قلب يحمله مجرم من هذا النوع¿ أي ضمير أي إنسانية أي قلب أي عقل.
هناك جرائم كثيرة نسمع عنها ونحزن لوقوعها وندعو الأجهزة الأمنية والعدلية إلى القيام بواجبها في تحقيق العدالة, ولكن نحن اليوم أمام جريمة غريبة جرحت مشاعر اليمنيين لأن رجال اليمن ونساءها لم يسبق فيهم أن تعرض طفل رضيع للتعذيب حتى قتله.
والمغزى هنا وفي هذه العجالة أن ما يحدث من جنايات, لاسيما ما نسمعه مؤخرا عن جرائم قتل الآباء والامهات, أو قتل المسنين لسرقة محفوظاتهم أو جرائم الاغتصاب أو جرائم قتل الأطفال أو غيرها من الجرائم, لا ينبغي أن تكون حوادث عابرة .. فهي جرائم تحمل خطرا ماحقا يستهدف قيم اليمنيين وأخلاقهم التي عرفتهم بها شعوب الأرض .. وعلى الأجهزة الأمنية والقضائية أن تقوم بواجبها كما ينبغي من أجل حماية مجتمعنا من شبح الإجرام الذي تدفع إليه شبكات تهريب المخدرات .. فاليوم كثير من الجرائم لها ارتباط بجرائم المخدرات .. والجميع يعرف أن اليمنيين شعب ليست هذه بضاعته ولا هذا سلوكه, ولكن اليوم هناك مؤامرات تستهدفه, وحتما سينجو منها, غير أن هذا الأمر يقتضي أن تنهض الأجهزة الأمنية من سباتها وتحاصر كل ما يستهدف مجتمعنا بسوء وإلا هلكنا .. فأين من يدرك ذلك¿!

قد يعجبك ايضا