الغلو في الدين وأثره على المجتمع

الشيخ/ عادل عبدالصمد يوسف

 - الغلو في الدين آفة قديمة في جميع الأمم السابقة, وقد كانت هذه الآفة الخطيرة سببا في هلاكها كما قال الرسول –صلى الله عليه وسلم-: "فإنما أهلك من كان قبلكم
الغلو في الدين آفة قديمة في جميع الأمم السابقة, وقد كانت هذه الآفة الخطيرة سببا في هلاكها كما قال الرسول –صلى الله عليه وسلم-: “فإنما أهلك من كان قبلكم في الغلو في الدين” من أجل ذلك جاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية محذرة من هذه الآفة الخطيرة.. ومبينة ما يترتب في الغلو من أضرار.
والمطلع على حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم سيرته يرى أنه امتثل الوسطية منهجا في حياته وذلك لأن الوسطية منهج الإسلام الذي يحمي المسلم من الغلو والتطرف في حياته ويجعله معتدلا في قوله وفعله وحكمه والتوسط حالة محمودة عقلا ونقدا وعرفا وقد تمثلت واقعا وحياة وسلوكا في سيرته –صلى الله عليه وسلم.
لقد كان الرسول –صلى الله عليه وسلم- معتدلا في كل شيء في العبادة والموعظة والتعليم في قوله للأعرابي: “أفلح إن صدق” بعد أن أخبره بأركان الإسلام فقال الأعرابي: “والله لا أزيد ولا أنقص شيئا”, في تركه –صلى الله عليه وسلم- لبعض الأعمال مخافة إن تفرض على الناس كما في صحيح مسلم ” كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يترك العمل أحيانا حتى لا يفرض عليهم” في اختياره للأيسر في أي أمرين.
قالت السيد عائشة –رضي الله عنها-: “ما خيöر يا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بين أمرين إلا اختار أو أخذ أيسرهما مالم يكن إثما”.
في الأخذ بالرخص في السفر وغيره قال – صلى الله عليه وسلم- “ليس من البر الصيام في السفر”.
والغلو لفظة وردت الكتاب والسنة, وهي من غلا إذا زاد وارتفع وجاوز الحد وقد جاء ذلك في قوله تعالى: ” قلú يا أهúل الúكöتابö لا تغúلواú فöي دöينöكمú غيúر الúحقö ولا تتبöعواú أهúواء قوúم قدú ضلواú مöن قبúل وأضلواú كثöيرا وضلواú عن سواء السبöيلö”.
وجاء في الحديث عن ابن عباس- رضي الله عنه- لما جمع لرسول الله صلوات الله عليه- الجمرات أمره أن يلتقط له حصى صفارا وقال: ” بمثل هؤلاء فارموا وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين”.
والغلو مصطلح نهى عنه الإسلام وحذر منه ولا أدل على ذلك من قوله تعالى: “وكذلöك جعلúناكمú أمة وسطا لöتكونواú شهداء على الناسö ويكون الرسول عليúكمú شهöيدا” الآية.
فالوسطية والاعتدال هو الذي اختاره الله لهذه الأمة ولهذا الدين ولا عبرة بعد ذلك بأوصاف المغرضين والحاقدين.
والغلو كما عرفه العلماء: هو مجاوزة الحد بأن يزاد في الشيء عن حده على ما يستحق, ونحو ذلك”.
ولقد حذر الرسول –صلى الله عليه وسلم- من الغلو والتشدد في الدين فقال: ” هلك المتنطعون” قال الإمام النووي: “أي المعمقون المغالون المجاوزون الحدود بأقوالهم وأفعالهم”.
وفي حديث أنس – رضي الله عنه – في قصة الثلاثة الذين سألوا عن عبادة الرسول- صلوات الله عليه وآله وسلم- فكأنهم تغالوها- ثم ذكروا غلوهم في العبادة والدين فقال –صلى الله عليه وسلم: “إني أخشاكم لله وأتقاكم له, ولكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني”, ومن أسباب الغلو الجهل وقلة العلم التي تجعل الإنسان يطلق الإحكام دون علم أو معرفة ويقوم بأفعال يظنها حسنة وهي غلو وتطرف كما حصل من الثلاثة الذين سألوا عن عبادة الرسول- صلوات الله عليه- كما أشار الحديث السابق- ومن أسبابه- أيضا- الخشونة والغلظة في غير محلها فقد علمنا الرسول- –صلى الله عليه وسلم- كيف نتعامل مع بعض الحوادث التي ربما تسبب ظهور الخشونة والغلو والتطرف وخير مثال على ذلك حديث الأعرابي الذي بال في المسجد فأمره الرسول –صلى الله عليه وسلم- أن يهرقوا على بوله سجلا من ماء ثم قال: ” إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين”.
ولا شك أن الغلو له نتائج أكبر مما يطيقه المجتمع ويتحمله الناس ومنها ترويع الآمنين وزعزعة الاستقرار التشكيك في الدين والتمرد على أهله من قبل عامة الناس وذلك بسبب زرع فكرة ربط الإسلام بالغلو والتطرف والتشدد.
في الوقت نفسه نرى ما يراق من دماء وإزهاق للأرواح وهذا يعد من نتائج الغلو والتطرف, والرسول –صلى الله عليه وسلم- قد نهى عن هذا مرارا سواء كان في الاعتقاد أم في العبادة ولذا تراه يقول: ” إن الله لم يبعثني متعنتا ولكن بعثني معلما”. الحديث.

قد يعجبك ايضا