النوايا الصادقة ومستقبل اليمن
حسن الوريث

مقالة
عندما تكون الأمور مبنية على أسس غير سليمة ستكون النتائج وبلا شك كارثية وهذا ما ينطبق علينا في اليمن فمعظم أمورنا بنيناها بطريقة إبقاء النار تحت الرماد ولم تكن هناك حلول جذرية لقضايانا إضافة إلى أن نوايا السياسيين المتحكمين في زمام الأمور لم تكن صادقة فوصلت بنا الأمور إلى ماهي عليه الآن حيث نمر بأخطر مرحلة في تاريخ بلادنا منذ أزمة العام 2011م ومازلنا إلى الآن نعاني من تداعياتها وبلاويها ويمكن أن تنفجر الأوضاع في أية لحظة وتضيع البلاد.
فالمبادرة الخليجية كانت لدى البعض مجرد مغنم استولى خلالها على مقاليد السلطة فيما كانت لدى البعض الآخر خروج من مأزق والبعض الآخر ربما كانت نيته حسنة لإخراج البلد من الأزمة الطاحنة التي شهدتها البلاد وهكذا فكل طرف وقع على المبادرة ونظر إليها من منظاره الخاص ومصلحته وليس من أجل مصلحة الشعب اليمني, كما أن نفس الأطراف دخلت مؤتمر الحوار الوطني بنفس النية والنفس, إضافة إلى أن هناك أطرافا أفرغت مؤتمر الحوار من محتواه وأدخلته في تشعبات ووديان بعيدة عن دوره الأساسي المفترض لذلك لم يكد ينتهي حتى اندلعت الحروب والصراعات بين مكونات أساسية شاركت فيه لأنه لم يكن مبنيا على أساس سليم وتتابعت الأمور إلى أن وصلت إلى اتفاق السلم والشراكة الوطني الذي وقعت عليه تقريبا نفس الأطراف التي شاركت في مؤتمر الحوار لكن كان هناك من وقع على الاتفاق وعينه على أمور أخرى فتم العبث بالاتفاق وانتقاء بعض البنود لتنفيذها فيما كان من المفروض تنفيذها دون انتقاء أو تسويف أو تأجيل لأنه تم تزمين البنود لكنه تم التلاعب بها إلى أن وصلت الأوضاع إلى ماهي عليه الآن في بلادنا التي أصبحت بدون رئيس وبدون حكومة وبدون جيش والسبب يعود إلى أن كل أمورنا بنيت على أخطاء ومصالح ضيقة لأطراف تسلقوا على حساب الوطن وكانوا ومازالوا يتلونون من أجل أن يستمروا في حصادهم للبلاد والعباد.
معظم التحليلات تقود إلى أن أهم الأسباب التي أوصلتنا إلى هذا الحال يعود إلى عدم التنفيذ الدقيق لكل مرجعيات واتفاقيات المرحلة الانتقالية فكما قلنا إن كل طرف كان ينتقي ما يريد لتنفيذه ويترك الباقي ولو كان هناك التزام دقيق وتنفيذ لكان الآن لدينا دستور جديد ولكان من يحكمنا رئيسا منتخبا وبرلمانا مركزيا منتخبا وبرلمانات محلية منتخبة وحكومة شرعية يتم تشكيلها من قبل الحزب الفائز في الانتخابات. وأنا أعرف أن كلمة (لو) تفتح عمل الشيطان لكننا نضطر أحيانا إلى استخدامها من باب التوضيح.
أعتقد شخصيا أنه بالإمكان تلافي هذه التداعيات الخطيرة التي يمكن أن تؤثر على مستقبل البلاد بقليل من الحكمة والتنازلات من الجميع وليس عيبا أن نراجع أنفسنا من أجل مصلحة اليمن لنعمل على الخروج من الأزمات المتلاحقة بصياغة جديدة لمستقبل اليمن الحديث الذي يجب أن يبنى على العدالة والمساواة والحكم الرشيد والشراكة في الثروة والسلطة فهل يمكن أن تدرك كل هذه المكونات والأطراف هذه المسألة أم أنها ستستمر في مواصلة مسلسل التحايل على الاتفاقات والتسبب في انهيار البلاد ¿.