السرير الحكومي المفقود

حسن الوريث

مقالة


 - نشر أحد الزملاء على صفحته في الفيسبوك مأساة امرأتين وطفل في أحد أكبر المستشفيات الحكومية بأمانة العاصمة حيث رأيناهم يفترشون الأرض في انتظار سرير حكومي لم يجدوه ولن يجدوه وربما أن الموت سيكون أسرع من الحصول على فرصة العلاج فيما كان
نشر أحد الزملاء على صفحته في الفيسبوك مأساة امرأتين وطفل في أحد أكبر المستشفيات الحكومية بأمانة العاصمة حيث رأيناهم يفترشون الأرض في انتظار سرير حكومي لم يجدوه ولن يجدوه وربما أن الموت سيكون أسرع من الحصول على فرصة العلاج فيما كان هناك من حصل على أحسن غرفة في نفس المستشفى بدون أدنى تعب ويمكن أن حالته لا تستدعي ذلك لكنها الوساطة.
وأنا بدوري سأسرد هنا قصة كنت شاهدا عليها تتعلق بأحد زملائي الذي اتصل بي مستنجدا يطلب سرير رقود لوالده الذي تعرض لجلطة دماغية ظنا منه أن علاقاتي مع بعض المسؤولين في القطاع الصحي سيشفع لي عندهم ويجعلهم يدبرون سريرا لوالده وعبثا حاولت وفي الأخير لم يكن أمامنا إلا الاستنجاد بزميل يعمل في مستشفى خاص أسعفنا والد زميلي إليه لكنه كان قد تأخر وما لبث أن توفي بعد يومين من دخوله المستشفى وهناك حكايات وقصص كثيرة من المعاناة للمواطنين في مستشفيات الدولة ومستشفيات القطاع الخاص والمصيبة أن الجهات المعنية صامتة.
هذه القصص والحكايات تلخص واقعا مريرا يعيشه الناس جراء تردي الخدمات الطبية والصحية في بلادنا عامة وفي المستشفيات الحكومية على وجه الخصوص كما أنها تؤكد أن المواطن المسكين يظل مسحوقا ومحط سخرية وإهانة من قبل الموظفين في مرافق الحكومة وكأن الموظف جاء ليخدمه المواطن وليس العكس وهذه من المآسي التي نعاني منها وأعتقد أن مستشفياتنا الحكومية أصبحت الملجأ الأخير لمعظم الناس لأن المستشفيات الخاصة لا يقربها إلا أصحاب الدسم والجيوب العامرة بالمال ولأن الحالة الاقتصادية للمواطن لا تمكنه من التفكير حتى من المرور بجوار تلك المستشفيات الخاصة لذلك يلجأ لمستشفيات الحكومة لكنه أيضا يتعذب ويتمنى لو أنه يموت أهون من المعاملة التي يلقاها فيها.
من تعاقب من المسؤولين على وزارة الصحة من وزراء ونواب ووكلاء ومدراء عموم ورؤساء برامج ومشاريع ممولة محليا ودوليا لم يكلفوا أنفسهم دراسة أوضاع المستشفيات الحكومية والمرافق الصحية في كافة المحافظات التي يقال أنها تقدم خدماتها للمواطنين ووضع معالجة حقيقية لها ليستفيد منها الناس أو إغلاقها تماما أو تأجيرها للقطاع الخاص وتطبيق تجربة التأمين الصحي للمواطنين بالاستفادة من المبالغ التي يتم صرفها عبثا على المرافق الصحية دون أن يكون لها مردود أو فائدة تذكر فكل المليارات التي تصرف على القطاع الصحي تذهب أدراج الرياح والواقع يشهد بذلك فالكثير من اليمنيين فقدوا ثقتهم في مستشفيات بلادهم ويتجهون للعلاج في مستشفيات القاهرة وعمان وبعض دول أوروبا والنصف الاخر في المستشفيات الخاصة في اليمن وهناك الكثير ممن لا يجد ثمن السفر للعلاج يفضل الموت في منزله على الإهانات في أروقة المرافق الصحية الحكومية بحثا عن سرير حكومي مفقود.

قد يعجبك ايضا