سقطرى.. جزيرة الأحلامö وفاتنة البحرö التي لا تشيخ
استطلاع/ فايز البخاري

أواخر شهر ديسمبر عام 2013م كانت الرحلة الأولى إلى فاتنة البحر التي لا تشيخ جزيرة سقطرى.. قبل ظهر الثامن والعشرين من ديسمبر حطتú بنا الطائرة في مطار سقطرى الذي يقع في منطقة موري.. وبمجرد الهبوط والخروج من باب الطائرة تتلقاك الأنسام العليلة وتظللك مواكب السحاب المتراكم والضباب المخيم على رؤوس الجبال بما يشبه التاج الطبيعي الذي تفخر به هذه الجزيرة الأعجوبة.
من منطقة موري انطلقنا إلى العاصمة حديبو وفي الطريق يلفت انتباهك الخضرة المنتشرة في كل أرجاء الجزيرة بما يجعلها تبدو كأنها قطعة من الفردوس حتى في حرم المطار تستغرب حين تجد العشب يكسو كل مساحات المطار وفراغاته مما يجعله يبدو في حلة بهية والأجمل من ذلك كله أن هذا الجمال طبيعي وكل تلك الحشائش من خلق الله الذي لم يتدخل الإنسان بأي شيء فيه.
من المطار إلى حديبو تطالعك العديد من الأودية التي تنتشر في جنباتها أشجار النخيل الباسقة وتتدفق منها عيون الماء الجارية التي لا ينقطع جريانها ولا يتوقف على مدار العام فضلا عن الخلجان والسواحل الساحرة التي تتبدى لك في أجمل منظر طبيعي لا يمكن مشاهدة في أية بقعة في الأرض إلا على جزيرة الأحلام سقطرى.. إنها سواحل وشواطئ يصح القول فيها أنها توزن بالذهب لما تتميز به من جمال وفرادة في التضاريس والموقع والمناخ ولو كانت لدى دولة أخرى أنها اليوم من أهم المزارات العالمية لمريدي وعشاق السباحة في السواحل الرملية.
قبل أنú يلج المرء مدينة حديبو تكون السحاب هي أول مستقبليه حين تظلله عند مدخل المدينة ووتكاثف على مشارفها متوجة جبال حديبو بتاج الطبيعة الأزلي الذي يجعل منها مدينة الفرائد وقöبúلة الجمال. أما في شوارع حديبو فأول ما سيستقبلك بشاشة أبنائها وبساطة منظرهم وعدم الفضول الزائد تجاه الزائر أو الغريب فهم مسكنون بحس حضاري وثقافة سياحية عالية إذú اعتادوا على تدفق الزائرين والسياح وأصبح الأمر بالنسبة لهم مألوفا خاصة حين يرون أفواج السياح الأجانب الذين يأتون لجزيرة سقطرى/الأحلام من كل أرجاء العالم للاستمتاع بأجوائها الفريدة وطبيعتها النادرة التي تحوي في طياتها مئات النباتات التي تنفرد بها على مستوى العالم فضلا عن النحل السقطري الذي لا يوجد في العالم إلا بهذه الجزيرة. أما شجرة دم الأخوين فهي فريدة هذه الجزيرة التي أضحتú المعúلم الأبرز الذي يميز سقطرى عن غيرها من مناطق العالموهي الشجرة الأكثر شهرة في الجزيرة واليمن ككل.
حين وصلت سقطرى في ذلك الحين كانت لا تزال تقاسيم الجمال الرباني الذي حبا الله بها هذه الجزيرة تنتشر في كل أرجائها ونسائم الجو العليل تداعب خصلات الشعر ورموش الجفون مفصحة عن طقس لما يزل في أعذب لحظاته التي تشد النفوس إلى هذه الجزيرة الأعجوبة.
أخذت طريقي نحو أعماق المدينة لأستطلع طبيعتها وسوقها فوجدت مدينة عامرة بالحركة والمحلات في سوقها تضم مختلف البضائع التي يحتاجها الإنسان وبالذات الكماليات الكهربائية وخدمات الموبايل التي لم أكن أتوقع وجودها في هذه الجزيرة البعيدة عنا في أعماق المحيط الهندي والتي يتوقع الكثير ممن لم يزوروها من قبل أنها مجرد جزيرة عادية تفتقر لأبسط مقومات الحياة فيما الحقيقة أنها كانت فعلا كذلك ولكن قبل تحقيق الوحدة المباركة عام 1990م لكنها اليوم تختلف كلية عما كانتú عليه إبان العصر الشمولي الذي كان يتخذ منها فقط منفى للمخالفين للرأي. وإلى أنú قامت الوحدة ظلت جزيرة سقطرى معزولة تماما من كل الخدمات حتى أنه لم يكن يوجد فيها حتى كيلو متر واحد من الطرق الاسفلتية ومعظم مناطقها لا تصل إليها الطرق فضلا عن ندرة السيارات التي كانت بعدد الأصابع في مدينتي حديبو وقلنسية واليوم وبفضل دولة الوحدة وحرص القيادة السياسية على تطوير هذه الجزيرة التي أعلنتú مؤخرا تخصيصها كمحافظة مستقلة صارت السيارات بالمئات إنú لم نقل بالآلاف وكل هذا يعود خيره وفضله لدولة الوحدة التي حرصت قيادتها حتى اليوم على إعفاء أبناء سقطرى من الجمارك وتسهيل امتلاكهم لمختلف السيارات والناقلات والمركبات.
لا يوجد شارع في حديبو أو في سوقها يخلو من محلات تبيع صمغ شجرة دم الأخوين واللبان السقطري والعسل السقطري الذي بلغت شهرته الآفاق بفضل الأدوية التي يحتوي عليها نظرا لفرادة الأشجار التي يجني منها النحل السقطري.. لكن ما يلفت النظر في سوق حديبو هو منظر الطماطم الذي يبلغ حجم ووزن بعض حبة منه أكثر من كيلو جرام وهو من زراعة أرض الجزيرة.. وكذلك الأمر بالنسبة للكوسة والباذنجان حيث وخصوبة التربة حسب مختصين لا تعادلها خصوبة في أي منطقة بالعالم والسبب أنها لا تزال بöكúر ولم تزرع من قبل منذ خلق الله الأرض ومن عليها وبالتالي احتفظتú بكل أملاحها وخصوبتها حتى ال