نعم.. مهام دولة.. ولكن..¿!
جمال الظاهري
يثبت الحراك الشعبي من جديد أنه الوسيلة الأنجع في مقارعة جهابذة الفساد والإفساد, وأنه الدواء الناجع لكل أمراضنا كشعب استوطنته الأمراض ونالت منه الجراثيم الطفيلية التي جعلته هزيلا وضعيفا لا يقوى على الوقوف أمام المعضلات والمحن التي تصيبه سواء بسبب ضعف مناعته أو بسبب وخز محيطه الإقليمي أو العالمي.
وصل بنا الحال حد الضبابية فاستوت لدينا كل الجهات وكل المتناقضات! فما عدنا نعرف الصديق من العدو ولا من هو الصالح ومن هو الطالح .. تمزقنا وصرنا تبعا لكل ناعق وتبنينا ما قاله الشاعر الجاهلي .. – وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية ارشد-, فكل فئة وكل فرد وكل مكون تنازل عن حقه في الفهم وفي تقدير الأمور, يؤمن مع من يؤمنون ويكبر مع من كبر يقعد حين يقعدون ويقوم إذا قاموا¿!
جريمة رداع الشنعاء التي استهدفت تلميذات مدرسة الخنساء الابتدائية ليست حادثا عرضيا أو خطأ فنيا كما يحاول البعض الترويج له من أن المستهدف كان المقاتلين من اللجان الشعبية.. بل هي فعل مدروس ومعد له ومحدد هدفه يراد منه إرهاب الشعب وتوصيل رسالة إلى كل مواطن مفادها إن لم تخضعوا وتسلموا لنا حياتكم ومستقبل أطفالكم وخيراتكم فإننا سنقتلكم وسنذيقكم الويلات..
ما كشفته مؤخرا اللجان الشعبية من مخازن وسراديب تتكدس فيها مئات الأطنان من وسائل القتل والتدمير في مديرية أرحب ليست هي الأولى وبالتأكيد لن يكون الكشف الأخير عن مثل هكذا جريمة تستهدف وطننا في وجوده وفي قراره وفي اختيار مستقبله الذي يريده أبناؤه بعيدا عن الوصاية والتبعية والأملاءات من الأطراف الخارجية التي لا تريد الخير لليمن.
المعروف.. بل المؤكد.. أن من أدار الشأن اليمني ويريد استمرار نفوذه وتسلطه علينا معروف لنا جميعا ونعرف أدواتهم في الداخل ومراكز نفوذهم وأساليبهم .. هم أيضا أدركوا في السنوات الأخيرة أننا كشعب قد استطعنا كشف وإسقاط أقنعتهم وحددنا بدقة من يريد لنا الدمار ومن يريد لنا الصلاح, لذا فقد لجأوا إلى وسائل خداع جديدة يتماهى فيها الخير بالشر, فحين سلموا بأحقيتنا في اختيار ما نريد لمستقبلنا غيروا في خططهم وانتقلوا إلى الخطة (ب) تأييد مطالب الحشود وتقديم بعض المساعدات والاستغناء عن بعض رموزهم.. وهكذا.
إنهم حين يقدمون أو يعدون بالمساعدة فإنها ليست من أجل سواد عيوننا, وما يضعونه من شروط وما يطالبوننا به من تنازلات من اجل الوفاء بما التزموا به خير دليل على أنهم يريدون أن تكون لهم الكلمة الفصل في قرارنا وسيادتنا حاضرا ومستقبلا.
وكي يطمئنوا أكثر فإنهم سيفرضون علينا أدواتهم من جديد عبر الديمقراطية تارة وعن طريق الإملاء والتهديد بقطع المساعدات تارة أخرى, أقله إن لم نرضخ لإملاءاتهم فإنهم قد نجحوا في إعاقتنا عن التقدم وعن البحث عن حلول نابعة من الداخل لمشاكلنا أعاقونا ومنعونا من مجرد المحاولة للاستفادة من امتيازات موقعنا وما في باطن أرضنا من خيرات, يليها بعد ذلك المرحلة الثانية من إستراتيجيتهم, الانتقال إلى مرحلة الاستفادة من خيرات أرضنا – توقيع عقود والحصول على امتيازات في الاستغلال للثروة والموقع وفق شروطهم هم وبما يعود على شركاتهم ودولهم بالخير وإعطائنا الفتات.
حدثت ثورات وانتفاضات وسقط ضحايا ويتم أطفال ودمرت مقدرات في السنوات الأخيرة من اجل ماذا¿ وبسبب من¿ هذان السؤالان الين يجب أن لا يغيبا عن بالنا .. كل تلك التضحيات وهذا الصبر والجلد من اجل حياة أفضل ومن أجل الحرية وتحرير القرار السياسي السيادي اليمني من رق التبعية.
لم تعجبهم ثورة اليمن التي حرص فيها الشعب على عدم السير في ركب إخوانهم من العرب الذين ذهبوا بعيدا حد التدمير والحرق والتنكيل والتشريد للشعوب, فعملوا على تسويق المبادرة تلو الأخرى وتم لهم ما شاءوا, قدموا أنفسهم بصورة الحريص والمهتم لصالح الشعب اليمني فانطلت الحيلة على البعض وفهمها آخرون وقبلوا بأدوارهم فيها فباعوا القضية الأساسية إما طمعا أو رهبة, ولكن- ولأن هذه التربة ولادة للرجال ممن يعتز بما هو عليه ولا تستهويه ابتساماتهم وشيكاتهم- كان هناك من رفضوا قبض الثمن والأدوار الهامشية في صنع مستقبل وطنهم.
وحده مكون (أنصار الله) وبعض السياسيين والكتاب والمفكرين من رفضوا المشاركة وحذروا من ما في بنودها من خلل وما ستجلبه من خراب لوحدة المجتمع اليمني, فضلوا النضال المشروع معتمدين على أهلهم من الأحرار ومتوكلين على الله برضا وقناعة فقدموا التضحيات وبذلوا الأموال وقادوا ثورة جديدة في 21 سبتمبر صححت بعض عيوب المبادرة المشؤومة فكان لهم ما أرادوا حين التف الناس حولهم وساندوهم ووقفوا إلى جانبهم دون اك