الحوار مع الغرب في “مآذن وأبراج”
عرض/ خليل المعلمي
حينما منحت جائزة دبي للإبداع في دورتها السابعة 2010-2011م المركز الأول للباحث حمود نوفل في مجال “الحوار مع الغرب” تكون اليمن قد تصدرت حقلا جديدا يضاف إلى الحقول الإبداعية الأخرى وإضافة إلى المركز الأول في هذا الحقل فقد حصدت اليمن في تلك الدورة على ثلاث جوائز أخرى حيث حصلت على المركز الثالث في مجالي الرواية والتأليف المسرحي والمركز الرابع في مجال الفن التشكيلي.
في مقدمة الكتاب يقول الباحث حمود نوفل: “قد لا تعبر الجوامع بمآذنها ذات الأهلة ولا الكنائس بأبراجها ذات النواقيس والصلبان عن نمطين مختلفين من أنماط العمارة فقط لكنها تحمل فيما تحمله تصورا عقليا أكبر من ذلك إنها تعبر بوضوح عن دينين مختلفين الإسلام والمسيحية عن حضارتين متنافرتين عن جهتين شرق وغرب عن أعراق وألوان تختزل فيما تختزله كذلك تصورا للشرق الروحاني والغرب العقلاني”.
وأضاف: هنا -ويقصد في هذا الكتاب- سنبحث في جنبات ثقافتنا وثقافتهم عن أصل المشكلة وماهيتها نحددها ثم نبحث عن حلول لها فلزاما علينا أن ندرك في كل أمر نبتغي أن نحل لغزه ونفكك معضلات أساسه الذي بني عليه فلكل ظاهرة فكرية أو سياسية أو اجتماعية أساس كان في يوم ما بذرة صغيرة نمت شيئا فشيئا حتى صارت أطروحات ومعتقدات ونظريات تسيطر على عقول جماعة ما في مكان ما.
ويطرح الباحث سؤالا مفاده كيف ينظر إلينا الغرب¿ ويؤكد في سياق ذلك أن هذا السؤال مقامه مقام الحجرة الأولى في أساس بيت مشيد أو الخطوة الأولى في رحلة طويلة الأفكار والمعتقدات وجوابه نصف الطريق والحوار آخر المحطات التي تقودنا إلى وجهتنا.. منوها إلى أن الحوار المرجو نجاحه لابد أن يشاد على أساس متين من الحقائق أو لنقل حقيقة الوقائع المتراكمة زمنا طويلا في سجل علاقتنا مع الغرب وحوارنا لن يكون مع المثقف القريب فقط بل أنه سيكون حوارا شاملا لكل الافراد بمختلف مراكزهم وبمختلف توجهاتهم الدينية والفكرية ومستوياتهم الثقافية.
ويتكون الكتاب من أربعة مباحث الأول: مدخل إلى الدراسة حيث أشار فيه الباحث إلى أن المسطح الجغرافي المترامي الأطراف الذي يعرف اليوم بالوطن العربي لم تكن تجمعه قبل أربعة عشر قرنا ثقافة أو لغة مشتركة أو يؤلف بين بنيه دين واحد ولا حتى دولة ما لكن ذلك تحقق جميعه في غضون عقود قليلة يوم أن امتدت رقعة الإسلام ومعها امتدت حضارته.. مؤكدا أن الإسلام قد احتوى جميع الثقافات التي كانت موجودة في ذلك العصر الشرقية والغربية احتواها بعد أن صهرها جميعا وأخرج منها ثقافة فريدة وحضارة قوية متماسكة استطاعت الصمود في وجه العديد من الهجمات الموجهة إليها فكريا وسياسيا.
وعن مشكلتنا مع الغرب في هذا العصر يقول نوفل: إن مشكلتنا مع الغرب هي في مدى قدرتنا على أخذ محاسنه وترك مساوئه وهو ينظر إلينا بوصفنا أعداء من الدرجة الأولى لا يرضى إلا بتقبلنا كل ما عنده أو معظمه مقابل التخلي عن ما عندنا وعلى رأس ذلك ديننا الإسلام وكل ما يتعلق بثقافتنا المغايرة لثقافتهم فالغرب لا يستطيع أن يدرك بأن الإسلام ليس مجرد عنصر من عناصر هويتنا أو أساس لثقافة قد هرمت وأثبتت تهالكها بل هو هويتنا وثقافتنا إن شئنا الدقة وعليه تأسستا وبه ثقفت عاداتنا وتقاليدنا وأعرافنا وسائر أمورنا إنه الكل الذي لا يتجزأ بالنسبة لنا.. مستعرضا خلال هذا المبحث العلاقة بين الشرق والغرب ونظرة كل منهم عن الآخر.
اما المبحث الثاني وقد عنونه بـ”نحو الغرب” فقد طرح سؤالا في غاية الأهمية وهو لماذا الحوار مع الغرب بالذات دون غيره فهناك الكثير من الثقافات والتكتلات السياسية والاقتصادية في العالم فلما لا ننشد الحوار معها كما ننشده مع الغرب¿ أم أن الأمر كما وصفه أحد الباحثين: “إننا صرنا ننظر إلى العالم من حولنا ولا نرى إلا الغرب فهو الذي يسحرنا وهو الذي يخيفنا”.. ويجيب علينا في نفس الوقت أن وجود ضبابية الرؤية المتبادلة بين الطرفين في وقتنا الراهن وعلاقتنا بالغرب التي تمتد بجذورها إلى عدة قرون سابقة وتأخذ حيزا من ثقافة كل طرف في فكره الديني والسياسي وحتى الاجتماعي هو ما يجعلنا نسعى للحوار معه إضافة إلى أنه يمتلك القوة ويتسلط على إعلام العالم.
كما تطرق الباحث إلى دواعي الحوار الذي يعد أحد الأساليب والوسائل المتبعة وفي حالتنا نحن فإنا نقصد من حوارنا الأمرين معا نحاول نشر ديننا وثقافتنا أو على الأقل عرضهما كما يجب وحمايتهما في الوقت ذاته من الهجمات التي وجهت إليهما.
ويستعرض الباحث في المبحث الثالث المشاكل في طريق الحوار والتي صنفها إلى مشاكل غربية المتمثلة بقوة ثقافة الغرب وعنصرية الفكر وقوة وسائل الإعلام التابعة له ومشاكل شرقية متمثلة بضبابية الرد وسوء التقدير والأوضاع التي تعيشها البلاد العربية والصعوبة في صياغة الأفكار لدى المسلمين والعرب وكذلك الأزمة التي يعيشها الإعلام العربي.. متطرقا إلى عدد من المرتكزات الأساسية ف