هواة مشاهد العنف الحية لايزالون في مدرجات الفراغ!!

فتحي الشرماني


 - 
الحقد يولد الصراع, والقتل يولد القتل, والكراهية تولد الكراهية, ووحده العقل من يستطيع أن يوقف حلقات مسلسل الاقتتال والمواجهات الدامية .. العقل هو من يرسم كل فرص النجاة من السقوط في هاوية لا قعر لها, أو نفق مظلم لا نهاية له, وإذا م

الحقد يولد الصراع, والقتل يولد القتل, والكراهية تولد الكراهية, ووحده العقل من يستطيع أن يوقف حلقات مسلسل الاقتتال والمواجهات الدامية .. العقل هو من يرسم كل فرص النجاة من السقوط في هاوية لا قعر لها, أو نفق مظلم لا نهاية له, وإذا ما حدث ذلك لا قدر الله, فلن ينفع معه الندم وقد أدرك الفرقاء أنهم اختصموا على كومة من خراب ودمار ومساحات مكتظة بمقابر أجيال من الصرعى, ظل سقوطهم ينذر بمستقبل من الضياع والخسارة العامة, وظلت العدالة الإلهية تناديهم: لا حياة لأرض سقطتم فيها ولا مستقبل لرجال تسببوا بقتلكم.
من الحقائق التي لا تنكرها العين المجردة أن صراعاتنا اليوم على الدولة وليست صراعات في إطار الدولة, وهذا يعني أننا أمام صراعات مرشحة للاستمرار لأنها ستظل مرشحة للتغذية والتضخيم والإثارة, مرحلة بعد أخرى. وفي ظل غياب الدولة وهيمنة أجهزتها العدلية ستظل الأزمات تتناسل عاما بعد آخر وعقدا بعد عقد, وستظل الاتفاقات مجرد تصورات وحلول ورقية مستحيلة التطبيق, وإذن فليس من المجدي أن يضع هذا الطرف أو ذاك نفسه في موضع العدالة, وإنما الحل أن يتشارك الجميع في صنع عدالة ممكنة التحقيق سهلة التطبيق يحتمي بها هذا الوطن ويستأنس في هذا الظلام الحالك, وهذه هي العدالة التصالحية.
فلم لا نتفنن في بناء هذه العدالة على أكمل وجه بحيث تنعكس نجاحاتها على مستقبلنا السياسي¿ إن أي صيغة للمصالحة الصادقة والتفاهمات التي تقوم على أساس التعايش والشراكة السياسية وترك الاستقواء على الآخر لابد أن تكون محل تشجيع وإشادة .. ولأن العدالة التصالحية ليست كالعدالة القضائية فلابد من التكيف مع ما يقتضيه الصلح من تنازلات وصبر وتضحيات, فمهما يكن من أمر لا يستطيع أي إنسان في هذه الأرض أن يسوق الحجج المنطقية والعقلانية على أن الصلح لا خير فيه.
وحدها المصالحات هي من يستطيع اليوم لجم كل قوى الشر والتضليل التي يفزعها أن يلتقي اليمنيون مع بعضهم لطي صفحة الماضي, والنظر إلى المستقبل بعينين سليمتين, لا غنى لإحداهما عن الأخرى, ولا مجال لإضعاف إحداهما حتى تكون الرؤية سليمة.
وحسبي في هذا المقام أن أشد على أيدي أنصار الله “الحوثيين” وإخوانهم في (التجمع اليمني للإصلاح) أن يواصلوا المضي في هذا المسلك التصالحي الذي لا يلومهم عليه إلا من يعاني قصورا في النظر .. ولكن علمتنا الأيام أن نحذöركم من حب المناورة والانغماس في فساد النية .. فالصدق وحده هو الكفيل بأن يرضي الجميع ويخرج الوطن منتصرا والشعب مبتسما يحلم بقدوم الخير.
وأنتم تجرون هذه التفاهمات تذكروا تلك الأصوات التي تردد دائما أنكم جماعات متصارعة, وترفض أن تعطي لأحدكم مسمى الدولة أو تؤكد أن أحدكم على صواب, وحين تقبلون اليوم على بعضكم من أجل مستقبل الوطن مع أن الجراح لاتزال نازفة وجدنا هذه الأصوات تردد أنكم مخطئون .. كثير من هذه الأصوات البائسة هي في حقيقة الأمر لمشجعين في مدرجات الفراغ واللاوطنية اعتادوا على التصفيق, ولا يريدونكم اليوم أن تغادروا حلبة المصارعة فهلا قلتم لهم: إن العرض قد انتهى يا هواة رياضة العنف.

قد يعجبك ايضا