فهلوية الخطاب على رقعة الطبق المستور

خالد القارني


 - في الماضي القريب كان للعبة السياسية الدولية أطباقا مستورة  تختبئ فيها الكثير من عناصر الأحداث والمتغيرات الجارية في العالم مما جعل  المتابع لا ي

في الماضي القريب كان للعبة السياسية الدولية أطباقا مستورة تختبئ فيها الكثير من عناصر الأحداث والمتغيرات الجارية في العالم مما جعل المتابع لا يستطيع إدراكا لما تدور أمامه من صراعات وتحالفات وانشقاقات متعددة ومتنوعة ومتداخلة أصبحت ساحتها الأبرز دول العالم الثالث وخاصة ما يسمونه “الشرق الأوسط” أو ما نسميه الوطن العربي وما جاوره.
في الحاضر الآني لم يعد هناك جدوى لوجود الاطباق المستورة فمدركات الحقيقة اتسعت وتطورت بصورة تفوق أحجام هذه الأطباق. ولهذا صار الخطاب السياسي ذات المحتوى: تضليلي.. كيدي.. مكري.. تربصي.. فهلوي.. غير قادر على حجب ما يحتويه من مقاصد وأهداف باطنية مهما كان مستوى الحبكة الفنية واللغوية والأدبية فيه.
ورغم ذلك التطور الكبير إلا أننا نرى إصرارا عجيبا على ممارسة سياسة الاستغباء النظري في مضامين الخطاب السياسي بمختلف اتجاهاته ومرجعياته الايديولوجية.
والسؤال هل هذا الإصرار يعبر عن حالة عجز في تغيير الخطاب وعدم القدرة على المواكبة أم هو عدم معرفة صانع الخطاب أن الموجه إليه صار يفهم بواطن الخطاب وحتى تقييم صدقه من كذبه أم هو تطبيق لنظرية” أكذب ثم أكذب حتى تصدق نفسك”¿ معتمدين في الأساس على سلطة العنف بمرجعية قانونية جبرية متفردة.
وما نود الوصول إليه هو أن الوضع الراهن يشير إلى أن الكثير من النظريات السياسية التي كانت تغذي الخطاب السياسي قد انقضى نحبها وأننا أمام ولادة نظريات سياسية وعلمية جديدة تواكب المتغير الكوني البشري الجاري.
وهذا سيقتضي تغييرا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا غير مسبوق عالميا بل ستكون للدورة الزمنية كلمتها في موت حضارة وولادة حضارة أخرى. ومع الأسف الشديد دول الشرق الأوسط لا زالت في ضلالها القديم غير مصدقة أن “العيال كبرت” وشبت عن الطوق بل نشعر أن الخطاب لا يدرك أن شعوبا تعرضت لما يشبه نفخة في الصور” فإذا هم من أجداثهم ينسلون”.
ليس من الغريب أن نرى في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ العالم أن أحزابا أو قوى سياسية محسوبة على اليسار تبحث عن عقيدة دينية تقاتل تحت رايتها بعد أن خاضت صراعا طويلا ومريرا مع رموزها التقليدين سواء الموصوفة بالتطرف أو ما يعرف بالمعتدلين” قوى الإسلام السياسي”. إذا سنرى تحولا جذريا في الكثير من نظريات وقواعد بنيوية سائدة شكلت إساسا في بنية الهيمنة الإعلامية على العالم كانت ولا زالت بمثابة احتلال مباشر للوعي الإنساني ومصدر معرفي يصب في خدمة وتعزيز مصالح قوى النفوذ في العالم.
لا نستطيع متابعة تداعيات الإحداث اليومية وتحديد شكلها وحجمها نظرا لسرعتها ولضبابية الأوضاع السياسية وتداخلها إلا أن المؤكد أننا أمام تغيرات أكثر من دراماتيكية عنوانها القطيعة النهائية مع القديم غير القابل للتعايش مع الحاضر والمستقبل.

قد يعجبك ايضا