توق الجماهير إلى التوحد والاستقرار

عبدالرحمن مراد

مقالة


 - لست متابعا جيدا للنشاط الرياضي الذي يحدث هنا أو هناك لكنني خلال ما سلف من أيام وجدت نفسي في معمعة الحدث الخليجي متابعا فريقنا الوطني كنت كغيري من عموم
لست متابعا جيدا للنشاط الرياضي الذي يحدث هنا أو هناك لكنني خلال ما سلف من أيام وجدت نفسي في معمعة الحدث الخليجي متابعا فريقنا الوطني كنت كغيري من عموم الجماهير اليمنية بحاجة إلى حدث جامع نتوحد فيه في الرؤية والمواقف بعد سنين خلت من الفرقة والشتات ومن التباينات في المواقف والرؤى ومن الاصطفافات الإيديولوجية أو الجهوية أو المناطقية لم يكن ذلك الزخم الذي شهدته ملاعب المملكة وتحدث عنه الوسط الرياضي والإعلام الرياضي في جل القنوات والوسائط الحديثة بالحدث التلقائي والتفاعلي العفوي بدافع الحب أو الانتماء الوطني كما يبدو في ظاهر شكله بل كان ذلك الزخم تعبيرا احتجاجيا صامتا رافضا لمظاهر الصراعات الوطنية التي أراقت الدماء واستباحت الأعراض وعززت من مظاهر الانقسامات والفرقة فكانت الحاجة ماسة إلى جوامع التوحد والاصطفاف حول الراية اليمنية والعلم اليمني الذي ظل عاليا مرفرفا في سماء الوجدان الوطني الذي ينشد الاستقرار ويتوحد بطريقة حلولية صوفية فيه تعبيرا عن هويته الحضارية وهويته الوطنية واستغراقا منه في روح الانتماء من خلال رمزياته ومن خلال ذلك التجذر في العمق التاريخي والحضاري والثقافي الذي بدا لنا واضحا من خلال الروح الوطنية العالية ذات الأنفة والشموخ الوطني العالي الذي جسده في التاريخ عبد يغوث الحارثي ورأيناه في عموم جماهيرنا الوطنية المغتربة في المملكة العربية السعودية وهي تساند منتخبها الوطني ضاربة عرض الحائط ذاتيتها ومصالحها الفردية لتكون أكثر استغراقا وتماهيا وذوبانا في الروح الوطنية ذات السعة الحضارية والامتداد التاريخي الذي يملأها فخرا ووجودا واعتزازا.
لقد كنت آمل ومعي كل الجماهير الوطنية العريضة أن يعي ويدرك ساسة هذا الوطن الرسالة الواضحة والكبيرة في معانيها ومضمنيها الإنسانية والوطنية التي جسدها الجمهور اليمني في الداخل أو الخارج والتي نص مضمونها على الهوية الوطنية الكلية وأشارت كل رموزها وإشاراتها إلى الخطر الداهم الذي يتهدد وجودنا من خلال حالات التجزئة وحالات التشرذم والصراع. لقد أوحى ظلال ذلك الحدث الرياضي بغياب المشروع الوطني الجامع الذي يلبي طموح الوجدان الشعبي في عمومه كما أوحى بحاجة الوجدان الشعبي اليمني إلى البطل الأسطوري والبطل المنقذ الذي يحمل هموم اليمن ومشاكلها ويتفانى من أجلها بصدق وحب وإخلاص.
لقد كشف ظلال ذلك الحدث الرياضي عن الفراغ الذي يشتهي الامتلاء وقال لكل الأحزاب والتيارات والتنظيمات والحركات الاجتماعية أن صراعاتكم وحروبكم لا تعنينا كثيرا لأنها صراعات وجودية متحيزة وهي صراعات مستغرقة في ذاتيتها وأنانيتها وهي في المجمل الكلي لا تحمل مشروعا وطنيا ناهضا يعي الأبعاد والأنساق المختلفة لهذا الوطن الغارق في الألم والباحث عن الأمل والحياة في هذا الليل الدامس الذي كلما لاح فجره نجده يتماهى أكثر في الظلام ولا يكاد النور ينفذ إليه.
لقد أضحت اليمن أشبه ما تكون بحالة شجن تطفح على خد الزمن في صورة دمعة تشبه حبة لؤلؤ غالية الثمن رأيتها واقفة في محاجر الناس وهي تستظل العلم في ملاعب الرياض أو تتخشب أجسادها أمام شاشات التلفاز في الشوارع والأزقة والحارات أو في البيوت. لقد توحد وجدان الناس حول اللون الأحمر من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين ونجح أشبال الفريق الوطني في ما فشل فيه الساسة وكانوا هم البطل الذي تحدث عن الحاجة الوطنية الملحة في هذا المنعطف التاريخي الذي يمر به اليمن فهل يدرك المتصارعون سياسيا أن الذات اليمنية والهوية الحضارية والتاريخية والثقافية قد تنتصر لنفسها في أي لحظة مهما كان الاستهداف مضاعفا وممنهجا ومكثفا وأن اليمن ليست حالة تاريخية طارئة ولا يمكن للمشروع المغترب عن هويتها وواقعها أن يحقق انتصارا حقيقيا عليها مهما طال به الأمد أو ساندته الأموال الطائلة من هنا أو هناك وقد أصبح الواقع مقروءا لمن ألقى السمع أو كان بصيرا وعلى كل الأحزاب والتنظيمات والحركات السياسية الوطنية أن تعمل ماوسعها الجهد على مراجعة مجمل تفاعلاتها وأن تقرأ الواقع اليمني إن أرادت لنفسها النجاح في قابل أيامها فالركون على الغير أو الاستغراق في المشاريع المغتربة والخارجة عن النسق الاجتماعي والثقافي والحضاري والتاريخي لن يزيدها إلا نفورا أو تضادا مع هذا الواقع الضارب بجذوره في العمق الحضاري والإنساني فاليمن ظلت مركزية تاريخية وحضارية ولا يمكنها التنازل عن تلك المركزية لأنها أصبحت جزءا مفصليا في التكوين العام لها.
ما نحن في حاجة ضرورية إليه في هذا الظرف المفصلي والمهم هو القراءة النقدية للأنساق الثقافية والاجتماعية وقد

قد يعجبك ايضا