ثورات تحت التسوية(3-3)
يونس الحكيم

مقال
بعد المنجز العظيم الذي حققه اليمنيون المتمثل في إعادة تحقيق الوحدة المباركة والانتقال الى نظام ديمقراطي مبني على التعددية السياسية والحزبية كأساس لمبدأ التداول السلمي للسلطة ارساء لدولة النظام والقانون فخاض اليمنيون اول تجربة ديمقراطية في٢٧/ابريل٩٣م انتهت بنفس ذكراها وبعد عام بحرب بين شركاء الوحدة وسط تبادل الاتهامات بين الطرفين وتوالت بعدها الازمات السياسية والاقتصادية بسبب سياسة الاقصاء والتهميش والانفراد بالحكم حتى ظهر حراك في الجنوب وحروب في صعده ومشاكل كثيرة ومتعددة استعصت على الحل فخرج من رحمها حراك شبابي شعبي والذي يعرف بالثورة الشبابية الشعبية السلمية في فبراير ٢٠١١م انتهت بتسوية سياسية كالعادة في كل ثورات اليمن خلال قرن من الزمن تضمنت هذه التسوية التي تبنتها المبادرة الخليجية نقل الرئيس سلطاته خلال مرحلتين مقابل الخروج الآمن له ولمن عمل معه مع احتفاظ حزب المؤتمر وحلفائه بنصف الحكومة لكن وبسبب الاخطاء التي رافقت عملية الانتقال السياسي سواء من قوى الثورة او ممن لايزال ولاؤهم للرئيس السابق الى جانب الطريق الطويل والملتوي للمرحلة الانتقالية وسط اخفاق كبير لحكومة الوفاق وانعدام الامن وانقطاع شبه مستمر للخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء واعتداءات مستمرة على انابيب النفط وابراج الكهرباء أدت الى زيادةمعاناة المواطنين وتذمر البعض من التغيير وكان آخرها اقدام الحكومة خوفا من الانهيار الاقتصادي الوشيك على معالجات زادت المواطن معاناة الى معاناته وقامت برفع الدعم عن المشتقات النفطية غير مدركة للعواقب الوخيمة حتى تنامى حراك آخر طالب بإلغاء هذه الاصلاحات وطالب صراحة بإقالة هذه الحكومة واستخدم وسائل تصعيدية وصفها بالمزعجة والمؤلمة انتهى هذا الحراك الثوري كما يسموه والذي يقوده أنصار الله بالتوقيع على تسويه سياسية والتي تعرف باتفاقية السلم والشراكة بعد أن خاضوا حرب في العاصمة استمر أكثر من خمسه أيام استخدم الطرفان فيه مختلف أنواع الأسلحة.
وخلاصه القول وعلى مدي المائة السنة الماضية التي شهدت تحولات ونقلات نوعية عبر مراحل تاريخية واتفاقات مبرمة (تسويات) سواء بين العثمانيين والامام يحيي والتي انتهت بتسوية سياسية في العام ١٩١١ أو ١٩١٨م ولتذكير لم يتمكنوا من الاطلاع على العددين السابقين فقد تضمنت اتفاقية ١٩١١م (تسوية) بنود أهمها تعيين الحكام في المناطق الزيدية من اختصاص الامام يحيى بينما تعيين حكام المناطق غير الزيدية من اختصاص السلطات العثمانية وكذا تسويه ١٩١٨م والتي تتضمن تسليم سلطات التعيين للمناطق الغير زيديه والتي كان تعيين حكامها من اختصاص العثمانيين الى حكم الامام يحيي على أن يتم تعيين كل القيادات العثمانية والجنود من ضمن العاملين في سلطات حكم الامام وهذه كانت أهم بنود التسوية التي تمت بين العثمانيون والائمة الحاكمة اما الثورات الأخرى ضد الائمة (٤٨٥٥٦١٦٢) فقد انتهت بالفشل باستثناء ثوره ٦٢م التي نجحت في الانتقال بنظام الحكم من ملكي الى جمهوري وقد انتهت بتسوية في العام ٧٠ بين الجمهوريين والملكيين تتضمن اعتراف الملكيين بالنظام الجمهوري مقابل عدم مطارده الجمهوريين لهم واشراكهم في الحكم وكذا ثورة ١٤اكتوبرفي جنوب اليمن والتي تعتبر لب الثورات اليمنية كونها قامت ضد مستعمر وهذا لا يعني اننا ننتقص من قيمة ثورة سبتمبر ولكن بسبب خصوصيتها وهي الأخرى ايضا انتهت بتسوية في العام ٦٧ بمدينة جنييف بين المندوب البريطاني شاكلتون وبين الجبهة القومية بقيادة قحطان الشعبي والتي تضمنت رحيل القوات الأجنبية من جنوب اليمن مقابل الخروج الآمن بأقل الخسائر المادية والبشرية وهذا هو الحال في الثورة الشبابية في العام ٢٠١١م أو الحراك الاخير المسلح والذي انتهي بتسوية السلم والشراكة كما ذكرنا سابقا وحتي الحراك السلمي فقد انتهي بتسوية سياسية وهي المناصفة في التعيينات في السلطة المركزية واعطاء كل اقليم كامل الصلاحية في ادارة السلطة والثروة مقابل الكف عن المطالبة بفك الارتباط وبهذا نصل الى حقيقه هامه مفادها أن كل حراك أو احتجاج شعبي كان ضد أي نظام حكم في اليمن لن يستطيع أن يصل الى مرحلة الحسم النهائي ولابد أن ينتهي بحوار وبتسويات بين الاطراف الامر الذي يجعلنا نستشعر أهمية الحوار في حل كل أزماتنا ومشاكلنا خير من أن نحاول أن نبحث عن