المطلب الشعبي من القوى السياسية

فتحي الشرماني


 - 
كل القوى السياسية مدعوة اليوم إلى التحلل من العقد والأزمات وترك الأحقاد والضغائن التي تستهلك النشاط والجهد في استعداء الآخر المخالف في الفكر أو التوجه .. بإمكان  كل من يتصدرون مشهد اليوم أن يسلكوا مسلكا سياسيا جديدا تطمئن إليه الجم

كل القوى السياسية مدعوة اليوم إلى التحلل من العقد والأزمات وترك الأحقاد والضغائن التي تستهلك النشاط والجهد في استعداء الآخر المخالف في الفكر أو التوجه .. بإمكان كل من يتصدرون مشهد اليوم أن يسلكوا مسلكا سياسيا جديدا تطمئن إليه الجماهير وتثق به حين يكون مشهدا يقوم على أرضية من المبادئ التي تؤسس لمستقبل من السلم والهدوء والانسجام بدون أدنى قابلية لتفجر دورات الصراع كل بضع سنوات.
ليتذكر الجميع أنه لا أحد مستفيد من تقويض الدولة وصناعة المزيد من إضعافها .. إن الدولة بمؤسساتها المدنية والعسكرية تبقى هي الجامع الوطني الذي يفصح عن الوجود اليمني في عالم اليوم, وهي الأساس الذي ليس لمن يدير هذا الوطن إلا أن يبني عليه ويقوي عراه ويعيد إليه الثقة بنفسه, وبقدرته على السير باليمنيين إلى مستقبل مشرق.
نحن اليوم أمام اتفاق للسلم والشراكة الوطنية, رأى فيه الجميع مخرجا مما يعيشه الوطن من حروب وأزمات, والاستجابة لصوت الجماهير في الالتفات إلى همومهم وقضاياهم, وما أكثرها في هذا الزمن الذي يتخلى فيه كل مسؤول عن مسؤولياته, متخذا من هذا الوضع مجالا للتنصل عن ما هو مطلوب منه وطنيا وعرفيا وإنسانيا.
لا مجال للتقاعس عن تنفيذ بنود ذلك الاتفاق الوطني الذي يحفظ الدم, ويصون الحقوق, ويشرك الجميع في تحمل مسؤوليات هذا الوطن الصابر.
إن خلق الأزمات وتكثيف العقبات دون تنفيذ هذه الوثيقة الوطنية معناه عودة الوطن إلى مربع الصراع الأول وفتح المجال أمام كل الأهواء والأطماع والمصالح الأنانية والصراعات البينية, وبالتالي سيضيع الوطن وسيبقى من المستحيل عودته, وسيخسر الجميع خسرانا مبينا.
لذلك فالكل اليوم معني بخلق فرص جديدة أمام أن تعود الدولة إلى الصدارة وأن يتشارك الجميع في الوقوف أمام كل من يفسد فيها, ويتلاعب بما تحت يديه من سلطة أو مسؤوليات.
المرحلة تتطلب إعادة تفعيل لمختلف الأجهزة الوطنية التي تعاني الخمول والتقهقر المتواصل في أداء مهامها, فتطبيع الحياة من خلال تطبيع الأداء في كافة المؤسسات هو السبيل اليوم لتقوية أواصر الثقة بين مختلف القوى السياسية الموقعة على وثيقة السلم والشراكة الوطنية, وهو السبيل أيضا لإشعار الجمهور بأن كيانهم الوطني المتمثل بمؤسسات الدولة لايزال قادرا على النهوض ومعالجة كافة الاختلالات.
وأقرب الطرق إلى تجاوز هذا الوضع الذي نعيشه وآثاره النفسية, لن يكون إلا بقناعة كل القوى الوطنية بضرورة إيقاف كل الحملات الإعلامية المأزومة, وإجبار الإعلام الخاص على ترشيد خطابه, فلم يعد الوطن يحتمل مزيدا من الاحتقانات والأزمات.

قد يعجبك ايضا