مرحبا يا عراق (1)

أ.د عمر عثمان العمودي

 - * الصدمة والرجفة والفاجعة المفاجئة التي تعرض لها السواد الأعظم من أبناء الشعوب العربية جراء هزيمة يونيو عام 1967م التي سميت زورا وبهتانا بالنكسة كانت شديدة ومؤلمة  فلم يكن أحد يتخيل
* الصدمة والرجفة والفاجعة المفاجئة التي تعرض لها السواد الأعظم من أبناء الشعوب العربية جراء هزيمة يونيو عام 1967م التي سميت زورا وبهتانا بالنكسة كانت شديدة ومؤلمة فلم يكن أحد يتخيل أو يتوقع حدوثها كما حدثت وخاصة أن شعارات ودعايات مراكز القوى التي كانت تدعي الثورية والتقدمية قد ملأت رؤوسهم بأن الحرب إذا حدثت مع دولة الكيان الصهيوني المصطنع في بلاد المشرق العربي ستكون وبالا عليه وكسرة لوجوده في الأرض العربية ولكن ما حدث كان نصرا خرافيا لدولة هذا الكيان البغيض التوسعي والعدواني لأن الحرب المعاصرة لم تعد عبارة عن استعراضات مظهرية وقيادات مظهرية مزيفة وفاسدة بل هي علم وفن وقيادات محترفة وعدد وعدة ومعنويات وعلى أسس حديثة وعصرية سلاحا وتدريبا وتنظيما.
في ذلك المناخ المزري عربيا الذي اهتزت فيه مكانة الحيوية والقوة العربية في مصر وسوريا اتجه الناس البسطاء وبعض رموزهم الفكرية إلى العراق إلى بغداد الرشيد كانت الآمال المتبقية في مراكز الحيوية العربية التاريخية, وفي هذا المجال تناقل الشباب الكثير من المقالات والقصائد والأغاني النقدية والحماسية فيما بينهم سرا وعلنا أذكر من ذلك القصيدة الطويلة والرائعة للشاعر السوري الكبير والمبدع نزار قباني التي ألقاها في مهرجان الشعر العربي ببغداد في ذلك الوقت وكان مطلعها:
مرحبا يا عراق جئت أغنيك وبعض من الغناء بكاء
فجراح الحسين بعض جراحي وبصدري من الأسى كربلاء
لماذا العراق¿
قديما وحديثا وفي أكثر مراحل التاريخ العربي الإسلامي فإن آمال الشعوب العربية تتعلق بقاهرة المعز وببغداد الرشيد ودمشق صلاح الدين الأيوبي, فحيثما تكون هذه المراكز قوية ومنيعة فإن الأمن والنظام العربي يظل قويا ومنيعا الأمن والنظام العربي مداه وحدود سلامته أكبر من ذلك ولكن في حدوده الدنيا فهو يتركز في المثلث الممتد بين هذه العواصم الثلاث ومن حقنا أن نقول أن هذا المثلث يمكن أن يتحول إلى مربع بإضافة الرياض إلى هذه العواصم الثلاث من منطلق مكانة المملكة السعودية الدينية مهد الحرمين الشريفين ومن جراء تنامي دورها السياسي عربيا وإسلاميا ودوليا بعد تزايد وتنامي قدراتها الاقتصادية والمالية والعلمية والعسكرية والثقافية في ضوء ما اكتشف فيها من احتياطات نفطية وغازية كبرى ذات العوائد المالية الفلكية الأرقام منذ حدوث الطفرة الكبيرة في أسعار النفط وبفضل حرب أكتوبر عام 1973م التي حررت الجيوش العربية والمقاتل العربي هذه الثروة العربية من تحكم الدول الغربية الاستعمارية وشركاتها النفطية المستغلة.
العراق وما أدراك ما العراق¿
المنطقة الممتدة من العراق إلى بلاد الشام واليمن هي مهد وأصل الحضارة الأولى التي قامت في العالم القديم ومن نورها وإشعاعاتها وآثارها الفكرية والثقافية والمدنية قامت وترعرعت بقية الحضارات الأخرى وصولا إلى حضارة عالمنا الحديث والمعاصر وفي الغالب فإن حضارة مصر والعراق والشام واليمن القديمة ذات الأصل السامي هي عبارة عن حضارة واحدة, لأن مكوناتها السكانية والجغرافية والثقافية والتجارية والصناعية شديدة التداخل والتكامل زمانيا ومكانيا ومن جذر واحد رغم تعدد الأسماء والأشكال.

قد يعجبك ايضا