مصطفى حسين ….عصر الكبار!!

عبد الرحمن بجاش

 - كان اذا غادرنا كبير من كبار المغرب العربي اهتز المشرق ورجف , كان ذلك أيام أن كان الهدير من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر , يوم ان كان الحلم بحجم وطن ,
كان اذا غادرنا كبير من كبار المغرب العربي اهتز المشرق ورجف , كان ذلك أيام أن كان الهدير من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر , يوم ان كان الحلم بحجم وطن , وكان الرجال سمة الوطن الكبير, امتد ذلك الوطن من ((جاحظية عمي الطاهر وطار في الجزائر)) إلى زاوية قاسم حداد في البحرين , والى بغداد حيث كان بين كل أديب وأديب أديب !! بين كل مكتبة ومكتبة مكتبه , بين كل ثلاثة عراقيين أربعة مثقفين !! , الآن لم يعد الوطن وطنا ولا عادت بغداد بغداد, حيث الجثث أكثر من القصائد , لم يعد شارع ابو نواس كما تقول حياة الرايس : (( شارع الشعراء, والعشاق , قلب بغداد السبعينيات النابض, بالعشق, والشعر, والأنس, والطرب, والفرح, والسهر, والسمر )) ولم تعد شهرزاد(( شامخة كنخلة بغدادية , ملكة تمسك صولجان الكلمة بيدها …. وتعلمنا أسرار الليالي في مقاومة شهوة الموت عند مليكها شهريار)), لم تعد بغداد تغني, أو ترقص ,وتوقفت عن القراءة, وهي التي أدمنتها حتى الثمالة أزمان وأزمان إلا هذا الزمن !! , كيف يغادرنا أحد رجال عصر الكبار فلا يهتز الجسد رعشة وحمى !! , الشارع العربي مشغول باللقمة , والنخب فسدت وأفسدت الحياة , صار يا صاحبي وطن للصغائر وللذبح والذبح الآخر , لم يعد لشعر العم طاهر وطار (( لا حياء في الرأي )) مكان !! , هل يعرف احد من هو وطار ¿¿ هنا السؤال !! , كما لا يعرف كثيرون من هو مصطفى حسين !!, هو رسام الكاريكاتير الشهير في الجانب الأيسر من الجريدة الأشهر ((اخبار اليوم))- المصرية بالطبع – , هو ((فلاح كفر الهناوده)) الذي يصحو كل صباح يخاطب رئيس الجمهوريه ((يا ريس الطاحونة اللي في كفر ابو ………)) وعبده مشتاق , الكميت , عزيز بك الاليت , عبد الروتين , مطرب الاخبار, عباس العرسه , علي الكومندار , و مصطفى حسين عضو نادي الكبار من رسامي الكاريكاتير , ذلك الفن العظيم والذي هز عروشا , وإلا لم اغتالو ناجي العلي وحنظله ¿! , مصطفى حسين آخر سلسلة بدأت من صاروخين , زهدي , إلى رخا , إلى عبد السميع , وطوغان , ثم صلاح جاهين , والبهجوري , ويا… رمسيس ….يا , كانت مصر الكبار يوسف ادريس , وبهاء , وهيكل, الذي لا يزال يعطي , ومصطفى وعلي أمين , والحمامصي , وفاطمة اليوسف , ومكرم , والتابعي , والشرقاوي , رؤوف توفيق , ومفيد فوزي , وأنيس , وكتائب الأهرام, والهلال, وصوتك يا عم مكاوي, والخال عبد الرحمن الابنودي, بسيرته الهلالية ورسائل حراجي القط إلى (( فاطنه )) أيام عز السد العالي , ووجوه على الشط , محمد رشدي و (( تحت أشجر يا وهيبة )) , ومحرم فؤاد , وشاديه , وكم ستعد يا عداد !! , مصر النيل الذي أروت صباحات العرب ومساءاتها, سينما , وقصة, ورواية , ومسرح , ومدرسين أدوا رسالة فينا , زرعوا فينا قيما أتى بها زمن جميل زمن الستينيات , لم يعد للأمر رائحة يا صاحبي !!! , مصطفى حسين صاحب ريشة أمتعت ليس عقل مصر الجمعي , بل في كل اتجاهات التأثير المصري في حياة العرب !! , أين مصر تعود تسقي صباحاتنا ¿¿ , وانظر لقد كان حسين يرسم والفكرة لصاحبها أحمد رجب الذي ظل من الستينيات وبالتحديد العام 65 يكتب نصف عمود بلا كلل ولا ملل !! , واحد مثله لو خيرته بين ان يكون وزير الوزراء مقابل ان يتخلى عن نصف عموده, لقال لك كما قال جمال عبد الناصر لذلك البكباشي الأهبل, والذي منع صوت أم كلثوم من الإذاعة , فخاطبه عبد الناصر الكبير ((خذ معك كتيبه من الجنود واذهب لإزاحة أبو الهول من مكانه )) , فاستغرب الضابط : ((إيه يا فندم معقولة ¿)) , قال له بهدوء ((وقد منعت ام كلثوم عن الإذاعة , كل شيء معقول)) , أتخيل وأحمد رجب يقول لمن سيؤزره ((انقل النيل أولا من مكانه)) , وكاريكاتير حسين كان كذلك بتأثيره أهم من كل الزعامات , لكن أحد زعاماته للأسف الذي ما بعده أسف اذ يموت في زمن الحريري الإبن تتابع العين العربية تأتأته , ولا تدمع لرحيل مصطفى حسين !! أي زمن صغير هو !! , يغادرنا مصطفى حسين ولم يتحرك قلم !! , وتمر ذكرى البردوني بلا هدير يذكر سوى جهد الغابري عبدالرحمن !! أي زمن هذا الزمن ¿¿ أين أنت يا عصر الكبار تنتشلنا من خيباتنا ¿¿ ومن هزائمنا ¿¿ ومن ليالينا الطويلة بلا نهاية ……يقفز إلى الشاشة الجهلاء ويتوارى مصطفى حسين خجلا …….

قد يعجبك ايضا