البلاد والبلادة
فواد الحميري
( التعود تبلد ) حقيقة يصدقها الواقع . فماذا يحدث إن كانت الوقائع المعتادة محصورة في المآسي والآلام إنها الكارثة بلا شك . فأن يتبلد إحساس الناس تجاه مآسيهم يعني ضعفا إن لم يكن انعدام شعورهم بوجود المشكلة . وبالتالي ضعف أو انعدام ( حاجتهم إلى) فضلا عن ( إرادتهم في ) البحث عن الحلول .
وأن يتبلد إحساس الناس تجاه مآسيهم يعني قبولهم بها وتعايشهم معها ونظرتهم إليها كمسلمة من مسلمات حياتهم وبدهية من بدهيات عيشهم . بل وعدها قضاء واقعا وقدرا محتوما .
وأن يتبلد إحساس الناس تجاه مآسيهم يعني السقوط في مآس جديدة لا حصر لها . فحالات الانسان اجتماعية كصاحبها آماله تحشد إليها آمالا مثلها وآلامه تحشد إليها آلاما مثلها .
فإذا كان المجتمع السوي القويم هو ذلك المجتمع القائم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن قبوله بترك المعروف بدون أمر به والمنكر بدون نهي عنه مأساة أولى . تقوده إلى مأساة ثانية : هي اختلاط المعروف بالمنكر وضعف التفريق بينهما . والتي – بدورها – تقود الى مأساة ثالثة : هي رؤيته المعروف منكرا والمنكر معروفا . فمأساة رابعة : هي نهيه عن المعروف وأمره بالمنكر . وهكذا دواليك حتى ينفرط عقد القيم المجتمعية كما ينفرط عقد المسبحة . فيصبح الناس وقد قامت قيامتهم .
وهاهو اليمن الذي تربع على عرش القيم الاسلامية يوما ما وتوجه رسول الاسلام بتاج ” أرق قلوبا وألين أفئدة . الايمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان ”
اليمن : الارض الطيبة والشعب الأطيب .
هاهو يستيقظ على ( الفاجعة ) . فيصاب بالصدمة . وهنا نقف .
إذ لا يمر يوم على العالم إلا ويعلو فيه صوت فاجعة .
كما لا تمر فاجعة على العالم إلا وتصيب الناس بصدمة .
والفرق بين الشعوب التي تنكسر أمام صدماتها وتلك التي تنتصر . هو في طبيعة التعامل مع الصدمة . فينكسر من يجعل منها حطب احتراق. وينتصر من يجعل منها وقود انطلاق .
فهل نتجاوز صدماتنا بالفعالية الدائمة أم بالانفعال المؤقت . بالتأثير الإيجابي أم بالتأثر السلبي .
بالعجز الذي يجعل من النكبات عادة ويصيب البلاد بالبلادة . أم بالإعجاز الذي يعيد لقيم الشعب حيويتها وشبابها وعنفوانها .
هذا هو التحدي . ولنا – نحن اليمنيين -الاختيار .