وقفة في نهاية شهر رمضان

الشيخ / إبراهيم جمعة جمعة محمد

إن كثيرا من المسلمين يصومون شهر رمضان ويقومون ليله ويتعبون فيه ثم يأتي العيد فننسى أننا كنا في رمضان ونضيع ما أتعبنا فيه أنفسنا ونضيع صياما طويلا وقياما طويلا وعملا متواصلا . اجتهاد عظيم في رمضان ثم نفاجأ في أول من شوال أن الذي كان يصلي الفجر لم يعد يصلي الفجر والذي كان يصلي العشاء في جماعة لم يعد يحافظ على الجماعة والذي كان محافظا على لسانه بدأ يطلق لسانه بما لا يليق.
شيء عجيب جدا مثلنا كقول العامة “إن غاب القط العب يا فأر” نحن للأسف نقع في هذا الخطأ كثيرا حينما نعبد الله سبحانه وتعالى في رمضان ثم نعمل هذه العبادة بعد رمضان وقد نبهنا الله عز وجل وحذرنا من هذا السلوك الخاطئ فقال سبحانه ” ولا تكونواú كالتöي نقضتú غزúلها مöن بعúدö قوة أنكاثا”. أنكاثا: يعني أنقاضا جمع نكث وهو الغزل المنقوض يعني لا تفعلوا مثل هذه المرأة فالإنسان الذي صام وجاع وعطش ومنع نفسه من المباحات وأتعب نفسه غاية التعب وقام الليل وقرأ القرآن وفعل الخيرات وتصدق وحفظ العين واللسان ثم يخرج من رمضان فيفسد كل ما كان يعمله وينهمك في المحرمات وترك الطاعات هو أشبه شيء بهذه التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا. يجب أن يكون لنا وقفة في آخر الشهر الكريم نعاهد الله فيها أن نستمر على ما كنا عليه في رمضان فما الذي يمنعنا أن نحفظ ألسنتنا كما حفظناها في رمضان¿ هل غاب رب رمضان مع غياب رمضان¿ لقد جعل الله رمضان فرصة ليتعود الإنسان عادات الخير يتعود الذي لا يصلي الفجر أن يداوم عليها في جماعة والذي لا يداوم على الجماعة يتعود على المحافظة عليها ومن لا يصلي النوافل يتعود عليها وكذلك قيام الليل وسائر أنواع الطاعات يحافظ عليها. كما يتعود الإنسان على حفظ اللسان وجوارحه فيخرج من رمضان وقد تعود على ذك وهي الثمرة الحقيقية لصيام شهر رمضان ولهذا دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الدوام على ما أعتاد المرء من الخير من غير تفريط فأخرج البخاري عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله (ص) “يا عبدالله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل” وكان (ص) يداوم على أعمال الخير ويدعو إلى المداومة عليها فأخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : سئل النبي (ص) أي الأعمال أحب إلى الله ¿ قال “أدومها وإن قل” وأخرج مسلم عنهما رضي الله عنهما أن النبي (ص) يقول “أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل”. ثمرة رمضان الحقيقية تظهر بعد رمضان فمن استمر على أخلاق رمضان على عبادات رمضان وعلى طاعات رمضان فهذا بالفعل قد أدى صياما صحيحا مقبولا والله تعالى يقول “يا آيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون”. وأخرج الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله (ص) يقول:” من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا “سبعين سنة بينه وبين النار إذا صح صيامه.
الصيام الذي يجعل العبد يباعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا هو الصيام الذي يحقق في الدنيا التقوى ومن ثم يحقق النجاة في الآخرة لأن الصيام إما أنه صحيح فأنتج أثرا نلمسه وبالتالي حين نلقى الله نطمئن أنه سيعطي نفس الأثر وينجينا من عذاب النار وأما أنه لا يعطي الأثر في الدنيا فلن يعطيه في الآخرة فالصيام الذي لا يحقق لصاحبه التقى لا يتوقع أن ينجي صاحبه من عذاب الله رب العالمين.
نسأل الله أن يثبتنا على الطاعات وأن يحفظنا من المعاصي والزلات إنه سميع قريب مجيب الدعوات وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه

* عضو البعثة الأزهرية في اليمن

قد يعجبك ايضا