خواطر حول التكافل الاجتماعي

محمدالعريقي

 - رغم صعوبات الحياة وتعقيداتها, فإن الكثير من أبناء المجتمع اليمني يرون أن التكافل الاجتماعي يمكن أن يخفف من معاناة الكثير من الأفراد والأسر الفقيرة .
فليس من مخرج
رغم صعوبات الحياة وتعقيداتها, فإن الكثير من أبناء المجتمع اليمني يرون أن التكافل الاجتماعي يمكن أن يخفف من معاناة الكثير من الأفراد والأسر الفقيرة .
فليس من مخرج لمواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة إلا أن يتقاسم كل أبناء المجتمع انعكاسات هذه الأوضاع, بحيث لا تصل الفوارق بين الأسر والأفراد إلى من يكون هناك يعيش التخمة, وهناك من ينشد الحاجة لسد رمق الجوع .
رغم أن هناك إحصائيات تشير إلى توسع دائرة الفقر في اليمن خلال العشر السنوات الأخيرة, وهناك من المشاهد التي تؤكد مصداقية تلك المؤشرات, في ظل ارتفاع عدد السكان, وزيادة نسبة البطالة, ناهيك عن تراجع نسبة مساحة الأراضي الزراعية, والتوسع في زراعة القات, وتذبذب هطول الأمطار, وفوق كل ذلك ما تنتج الحروب والصراعات المسلحة, الاختلالات الأمنية من ترد للأوضاع وعدم الاستقرار, محصلة كل ذلك معاناة على المستوى الجمعي تعبر عنه تواضع, في موارد الدولة, وعجز في موازناتها, وعدم القدرة على الإيفاء بكل الالتزامات والاحتياجات الأساسية للسكان, إذا ما هو الحل¿ وهل نقبل أن تتوسع دائرة التوسل التي أصبحت ظاهرة مزعجة, ومخزية بحق مجتمعنا اليمني, الى درجة لم نعد نثق من هو المحتاج, ومن يمتهن التسول كحرفة عند البعض.
ومؤخرا انتشرت ظاهرة التسول من خلال رسائل (إس إم إس) فأعتقد أن الكثير وصلتهم رسائل إلى تلفوناتهم تدعوهم لإرسال كلمات أو حروف لأرقام تحت مسميات مختلفة, لا ندري ماهي الجهات التي تقوم بذلك, في وقت كثر فيه الكذب والخداع والنصب.
التكافل الاجتماعي ظل ولا يزال هو المعلم البارز في المجتمع الإسلامي, واليوم نحن أكثر حاجة إليه, من خلال أفراد مشبعين بمفاهيم الإسلام الحقيقية, يحبون بعضهم, يجسدون قوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب).
وحديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) .
التكافل الاجتماعي لا ينسجم مع من يعطي بيد ويدمر باليد الأخرى, هناك الكثير من التصرفات والممارسات والأفعال المؤذية التي تصرف فيها الأموال, وتستغل حاجات الفقراء تدفع بهم إلى ما هو ضار بأمن وسلامة المجتمع, تزيده فقرا ومعاناة, كما أن الاستغلال والاحتكار, أصبح مرضا مزمنا عند البعض, فهل نتوقع من مثل هؤلاء أن يتمثلوا حقيقة التكافل الاجتماعي التي نادى بها الإسلام¿
إن مثل هؤلاء يضرون أكثر ما يفيدون بأقوالهم وأفعالهم المدمرة, مهما تستروا بالسخاء والعطاء .
التكافل الاجتماعي يتطلب تهيئة مجتمع الحب والإخاء, والعمل الجماعي, من خلال تأسيس مؤسسات اجتماعية تقوم على النزاهة والشفافية, والاستعداد للعمل الطوعي, ليس فقط لتقديم الدعم والعون للأسر التي تحتاج إلى الأكل والشرب, وإن كان هذا هو المطلب الأول لتأمين الحياة, ولكن هناك أمورا كثيرة ذات أولوية بالنسبة للإنسان, كالعلاج من الأمراض, والتعليم, والكساء وغير ذلك, وبذلك تتوسع دائرة التكافل الاجتماعي , وبذلك يتحقق التوازن وتتحقق المنفعة, ليس فقط لتوفير بعض احتياجات الأسر الفقيرة, بل يصبح التكافل الاجتماعي حماية وتحصين المجتمع, من أمراض الحسد والحقد .
والمهم في الموضوع هو أن يكون مبدأ التكافل الاجتماعي حافزا للاعتماد على الذات من خلال المساعدة المؤقتة, وإعطاء أي محتاج خاصة القادرين على فرصة الوقوف على قدميه والاستعداد للعمل, ومحاربة الاتكالية التي تعود عليها البعض, فالاتكالية تتنافى مع معاني الإسلام الذي يحث على العمل ويكره الاتكالي والمتكاسل.

قد يعجبك ايضا