لا منجاة من طاحونة التدمير الشامل إلا…….

محسن خصروف

 - القوى السياسية اليمنية المختلفة تحت أي عنوان مدنيا كان أم دينيا هي أمر واقع معاش والتعايش في ما بينها هو متطلب موضوعي ومفروض بحكم الواقع والتقاتل الذي جرى ويجري بين بعضها
القوى السياسية اليمنية المختلفة تحت أي عنوان مدنيا كان أم دينيا هي أمر واقع معاش والتعايش في ما بينها هو متطلب موضوعي ومفروض بحكم الواقع والتقاتل الذي جرى ويجري بين بعضها هو أمر مخالف لفطرة الواقع المفروض بحيثيات متعددة المشارب لكن منبتها ومتكأها هو نفس المكان المشترك الذي نقف جميعا عليه والدم المهدر والأرواح التي تزهق والإمكانيات المهولة التي تهدر والنفوس التي ما تزال تتصارع على طريق الإفناء المتبادل هي في مجملها حقيقة وواقع حية وميتة صاحبة وسيدة هذا المنبت المكان المشترك والمالكة المطلقة لما فوقه وما تحته وهي الخاسر الأكبر من هذا التقاتل الذي يسيل الدم أنهارا هم أصحاب المكان أنفسهم وليس غيرهم ومن سيليهم بأجيال متتابعة والمستفيد الأوحد هم الذين تكاد أعينهم تخرج من محاجرها طمعا في المكان وما عليه وما فيه الأمر الذي يؤكد ويصرخ بقوة ووضوح أن الحوار السلمي المباشر بين هذه القوى المتنازعة المتقاتلة قد صار أمرا واجبا دينيا ووطنيا وإنسانيا أكثر إلحاحا. حيث أنه بالتجربة العملية التي تجري بالمشاهدة والمعاينة من العائشين على هذا المكان ومن قبل شهود كثر من خارجه قد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن النصر الكامل لأي من طرفي أو أطراف التقاتل أمر في حكم المستحيل لأن الاجتثاث أو القضاء المبرم أو التخلص نهائيا وإلى الأبد من شريك المكان والزمان هو من الأمور المستحيلة عمليا وواقعيا فالتخلص النهائي من الآخر من أية جماعة كانت صغيرة أم كبيرة أمر غير متاح عمليا وعجزت عن هذا دول عظمى محليا ودوليا والتسيد المطلق لأية جماعة أيا كان كبرها هو أيضا أمر غير قابل للدوام ومآله لا شك السقوط حين تنهض القوى المجتمعية الأخرى لاستعادة حقها في الشراكة في المكان المنبت وما عليه وما فيه وكثيرا ما شاهدنا هذا يحدث وها نحن نعيشه الآن ونعيش بعض تداعياته على مستوى قطرنا اليماني وغيره.
حين نهض شباب اليمن في كل أنحائه في الحادي عشر من شهر فبراير 2011م لاستعادة حق المجتمع في الشراكة الحقيقية الكاملة في الوطن وخيراته وسلطته في ثورة سلمية نقية خالية من الشوائب استلهمت روح النضال السلمي للحراك الجنوبي وتراث الحركة الوطنية اليمنية و نضالاتها وتحدياتها في مواجهة الدكتاتوريات والعنف والقهر والظلم وكادوا (شباب اليمن) بصدورهم العارية ودمائهم وأرواحهم الطاهرة أمام أدوات القتل الفتاكة أن ينتصروا له في الثامن عشر من مارس من نفس العام في مذبحة جمعة الكرامة وما تلاها مباشرة من مذابح في جولة كنتاكي وجولة “عصöرú” ومدينة الثورة الرياضية وغيرها. وحين كاد الانتصار أن يتحقق لم يكن أمام قوى الثورة المضادة سوى الانقضاض على ذلك النصر القريب المنال بمسميات عدة ظاهرها ثوري و باطنها مضاد قاتل للثورة و انقسمت مؤسستا الدفاع والأمن وجرت عملية استقطاب مجتمعية كبيرة تجلت في طرفين رئيسيين متضادين أو متناقضين في أحسن الأحوال وصارت عشرات آلاف الأيدي على زنادات وأزرار القتل والتدمير الشامل المفضي إلى وديان من جهنم التي سوف لن تبقي ولن تذر فكان الحوار المستند إلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية هو المخرج الأوحد المتاح محليا وإقليميا ودوليا من هذا المصير المفجع وكان بعد ذلك ما كان حتى وصلنا إلى انتخاب رأس الدولة وقائد جيشها وأمنها ثم مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي رأسه ورعاه والذي أثمر مخرجات لو تضافرت كل قوى المجتمع في سبيل أن نراها واقعا يمشي على الأرض لكانت هي الطريق الأسلم الذي نصل من خلاله إلى الدولة المدنية التي يقول كل الذين يقتلوننا مع قتل أنفسهم أنها هدفهم. لكن أولئك الذين كانوا يقفون بقدم في قاعات الحوار وأخرى في ميدان التقاتل غير الوطني وغير المبدئي والمخترقون للحوار من ذوي الأذرع المتعددة التي كانت إحداها في قاعات الحوار تمسك بالقلم والميكروفون وتجادل بشدة حول كل القضايا وأخرى تمتد إلى خارج الحيز الجغرافي الوطني لتعود ملوثة وثالثة تطلق الرصاص على الوطن وأهله ورابعة تعد وتجهز وتضع المتفجرات القادرة على إزهاق أرواح المائات من جنودنا وضباطنا ومواطنينا الأبرياء وتتدرب على استخدام المسدسات الصامتة والدراجات النارية التي تمكن من اغتيال كوادرنا الوطنية من العسكريين والأكاديميين والناشطين الحقوقيين وغيرهم لكن أولئك جميعا ومن ورائهم كل قوى الفساد التي صارت أكثر تنفذا وتحكما في مصير الوطن وثرواته وأكثر قدرة على العبث بأمنه واستقراره وتدمير مشاريعه الحيوية كانوا لهذه المخرجات وللعملية السياسية برمتها بالمرصاد فأشعلوها حروبا طاحنة غير مبررة وطنيا تمددت واتسعت دوائرها حتى

قد يعجبك ايضا