جبلة تراث إنساني

الغربي عمران


جبلة قرية كبيرة..أو بالأصح مدينة صغيرة..تحفة مهملة.. تتبع محافظة إب بطبيعتها الخلابة.. وتختلف عنها بتميز تاريخها .. كعاصمة لليمن الكبير لأكثر من نصف قرن.. تلك المدينة التي حافظت على نقاء الريف وجوهر إنسانها .. تجمع سكاني يقارب عمره الألف عام.. بداية باليهودي اليمني “جبلة الذي كان يتخذ من موقعها معملا لصناعة الفخار معتمدا على توفر مياهها أسفل التل الذي تتمركز عليه, وتراكم الطين الصالح لتشكيل أواني الفخار.

تم شراء الموقع بأمر من الملك علي محمد الصليحي.. وبناء دار العوز الأول في موقع مسجد الملكة أروى وكان أول دار فيها.. لقد أقنعت الملكة سيدة زوجها المكرم بالرحيل من صنعاء إلى جبلة .. لتهدم دار العز الأول وتبني مسجدها في موقعه.. لتختط دار العز الذي أشتمل على أكثر من ثلاث مئة حجرة .ومن هنا تحولت جبلة إلى عاصمة دولة تشمل جنوب الجزيرة العربية إلى مكة وعمان.
جبلة إم النهرين هذا فيما مضى أما اليوم فالنهرين تحولتا إلى مجاري آسنة وأكوام من النفايات والمخلفات الضارة بالصحة والبيئة.
متحف قطاع خاص
من أين أبدا: المكتبة العامة.. أم متحف الملكة أروى .. دار السلطنة.. سواقي المياه الهابطة من شلال الوقش.. تحت وديان الربادي.. أم ضريح سيدة ومسجدها..إلى العقود الأربعة التي تربط أنحاء الوديان بالمدينة ..أم مدافن الحبوب.. على المنحدرات الجنوبية خلف دار العز.. إلى جوامعها الخمسة والثلاثين . أم من جبل التعكر.
وأفضل أن أبدأ من جبلة المدينة الصفحة البهية.. من الدور العالية المكللة ببياض دورها الحجرية المتراصة على منحدر تعلوه قمم عالة.. هذا ما بدت لنا لحظات وصولنا إليها على حافلة عامة.. صعدنا نسير على أقدامنا وسط زحام الباعة.. عبر أزقة رصفت بحجارة ملونة. مدينة مكانها أن تكون أحد المدن اليمنية الأكثر زيارة لهواة الطبية والتاريخ..جبلة بتفردها بتاريخ مشرق وبهي ولموقعها وتضاريسها وما تحتويه من معالم ومآثر تاريخية ودينية. ولطقسها المعتدل ساحرا.
إذا نظر الزائر جنوبا سيشاهد جبل التعكر المرتفع على ما يحيطه كحارس يقف بجلال محتضنا جبلة وتلالها كما يحتضن عدة قرى من الربادي ووقش وغيرها. وتلك المنحدرات والسفوح والوديان الخضراء.والينابيع والشلالات الغزيرة .وعلى قمة التعكر أتخذ الملك المكرم حصنا له.. كما جعلت السيدة منه مقرا صيفيا لها وموقعا محصنا لأسلحة الدولة وذخائرها. والتعكر يطل من الجهة الأخرى جنوبا على السياني وذي السفال والقاعدة ويرى منه جبل صبر وتعز.
ونحن نصعد أزقة المدينة بعد هبوطنا من حافلة عامة أقلتنا من اب إلى جبلة.. صادفنا شابا عرف بنفسه بأنه مرشد سياحي.. ليصطحبنا في جولة بدأت بمتحف بسيط سمي بمتحف الملكة أروى.. يجاور بقايا دار العز الذي كان مقر الملك .. المتحف لا يضم إلا القليل من المعلومات حول تاريخ السيدة وبعض رجالات الدولة الصليحيحة ..اضافة إلى مجسمات وأدوات تراثية .. وهو جزء من مبنى أستأجرة أحد الموطنين الغيورين على تاريخ جبلة وملكتها اروى .. صعدنا عدة أدوار حتى السطح لنطل على جبلة في منظر بناورامي جميل. في البداية ظننا بأن المتحف يتبع وزارة الثقافة أو أي جهة رسمية ..لنفاجأ بأنه خاص بالمواطن”أحمد حمود الدهمشي” ولذلك أكبرنا في هذا المواطن هذا الصنيع ..أن يحيي ذكرى ملكة في مقام المجد.. حين دفعته غيرته لاستئجار هذا المبنى وإنشاء مثل هذا المتحف البسيط لأهم شخصيات التاريخي اليمني . خرجنا من المتحف ونحن نتحسر على غياب الدولة وإهمال وزارة الثقافة لأمر جلل مثل أن تقيم متحفا في جبلة.
طاف بنا ذلك الدليل قلب وأطراف المدينة.. شارحا كل موقع عبرناه ..مستعرضا معرفته بتاريخ جبلة وبمكوناتها الأثرية والتاريخية.. وعصور تكوينها والأطوار التي مرت بها.. طاف بنا الأربعة عقود التي تربط أجزاء المدينة بأطراف الأودية المحيطة.. وهي عقد دار حنش وعقد ملتقى النهرين وعقد الزراق وعقد وقش.. ثم تعرفنا على مجرى الساقية التي كانت تزود جبلة بالمياه فيما مضى من سفوح جبل التعكر حيث أكبر شلالات جبلة الذي ينبع من وادي قرية الوقش.. ثم طاف بنا بقايا دار العز أو كما يسميه دار السلطنة الذي كان يضم يوما أكثر من ثلاث مئة وستين حجرة. ثم ما يحيط به من مدافن كانت تستخدم لخزن الحبوب والذي تم اكتشافها حديثا ..و تقع تلك المدافن المكتشفة على المنحدرات الشمالية لموقع دار العز.. وتظهر جدرانها الضخمة وسقوف بعض السراديب.. ثم مسجد السنة والذي بني في عهد الملكة السيدة .. ومسجد الشيخ يعقوب والذي بني في العهد العثماني . وهو من المساجد الأثرية الجميلة بقبته الكبيرة ومأذنته الرشيقة.. ويقال أن جبلة وهي المدينة الصغيرة أو القرية الكبيرة كانت تضم خمسة وثلاثين مسجدا.. منها خمسة مساجد خاص بالنساء.
أختتم المرشد مرافقته لنا بجامع السيدة أروى.. الضريح…ومسبحتها

قد يعجبك ايضا