في واحدية نظرية الحكم

أحمد الأكوع


ما دام هناك حاكم ومحكوم فسيكون هناك ظالم ومظلوم وكما يقال كيفما كنتم يولي عليكم وقيل إن الخوض في أصول النظريات يمكن التأكيد على أنها واحدية الغاية من أرسطو وأفلاطون لأن الغاية عند هؤلاء الفلاسفة من الحكم هو حسن تسيير المجتمع لا سوقه كذلك إنصاف الضعيف من القوي وحماية الوطن ثغوره وتخومه فكل الأنظمة مسؤولة عن هذا فالحكم والحرية وذلك عن طريق النظام الديمقراطي وإذا كان الحكماء هم مرجع المختلفين إما عن اختيار وإما عن إجبار عشائري وذلك لحسم الخلاف الذي عادة ما يؤدي إلى حرب أو حروب فيتصدى الحكماء لصون دماء الناس عن طريق تحكيمهم وكما يشير البيت الشعري القائل:
ما أنت بالحكم الترضى حكومته
ولا الخصيم ولاذي الرأي والجدل
وهذا البيت الشعري له حكاية طويلة لأن الشاعر طائي لأنه وضع الألف واللام بدل الذي الموصولة لترضى بدل الذي ترضى كما في بيت آخر قيل إنه في صنم حكموه يسمى سعدا:
أتينا إلى سعد ليجمع شملنا
ففرقنا سعدا فما نحن من سعد
وهذا يؤكد أن سلطة المجتمع أقوى من سلطة الدولة وكثرة العشيرة فقد كانت تتفاقم الخصومات إذا انتقل المختصمون إلى قوة السيف لماذا¿ لأن حالة الحرب شذوذ على المرعي من العائد وعلى الرأي العام وقد قال قس بن ساعدة الأيادي أكاد أرى للناس طبيعتين خيرة وشريرة أما الخيرة فتقوى بالتفكير والاعتبار أما الشريرة فإن الحرب أذهب لها وقد تبدي هرم بن سنان والحارث بن عوف أقدر المحكمين في ذلك الوقت لأنهما سعيا بالصلح بين أعنف قبيلتين عبس وذبيان الذين أقسموا على القتال إلى آخر رجل وآخر سهم ورمح وامتدت الحرب بينهما أربعين عاما فقال في ذلك زهير أبن أبي سلمى:
تداركتما عبسا وذبيان بعدما
تفانوا ودقا بينهم عطر منشم
ويقال إن الدق على عطر منشم غاية الإصرار على الحرب إلى النهاية وكانت العجوز منشم تقول للمشتري في عطرها استكثروا من القتال فإنه أحنك لكن وبركة ذرياتكم فإذا رأيتم الأكثر ولدا فهو الأكثر حربا لهذا قيل أن مثل العرب لكل خديعة بعطر منشم أن خديعتك عطر منشم لأنها مزينة بالبلاغة لتصديقها على ما فيها من غش للنصيحة والمنصوح فهؤلاء المحكمون الذين كانوا بمثابة الدولة هم الذين بذروا أساسية نظرية الحكم..

شعر:
لا تصلح الناس فوضى لاسراة لهم
ولا سراة إذا جها لهم سادوا
تهدي الأمور بأهل الرأي ما بقيوا
فإن تولوا فالأشرار تنقاد
والبيت لا ينثني إلا له عمد
ولا عماد إذا لم تر أوتاد
فإن تجمع أوتاد وأعمدة
وساكن بلغوا الأمر الذي أدوا

قد يعجبك ايضا