الاختبارات وأشياء أخرى

جمال الظاهري


 - انتهى العام الدراسي وها نحن في حالة استنفار وترقب وقلق لا يقتصر على الطلاب الذين يؤدون الاختبارات وحدهم وإنما أسرة الطالب ووزارة التربية بجميع كوادرها مستنفرة لإتمام عملية الاختبارات بنجاح ..
انتهى العام الدراسي وها نحن في حالة استنفار وترقب وقلق لا يقتصر على الطلاب الذين يؤدون الاختبارات وحدهم وإنما أسرة الطالب ووزارة التربية بجميع كوادرها مستنفرة لإتمام عملية الاختبارات بنجاح .. كيف يرى كل طرف من هذه الأطراف النجاح من وجهة نظره أمرا آخر يختلف من الطالب إلى الأسرة إلى الوزارة.
الطالب يراه في المعدل الذي سيحصل عليه مع أن هناك طلابا يرونه في الحصول على شهادة مكتوب فيها ناجح والسلام لأنه يهتم فقط بما سيقوله أهله عنه لو رسب فيما هناك آخرون كدوا وتعبوا كي يضمنوا الحصول على تقديرات ونسب عالية تؤهلهم للالتحاق بالكليات التي يرغبون في الانتساب إليها.
ولأن الأعداد كبيرة التي تتقدم لنيل شهادة الثانوية العامة في نهاية كل عام دراسي وعدد الجامعات وكلياتها محدودة في قدراتها الاستيعابية فإن احتدام التنافس يزداد كل عام ويزداد معه قلق الجميع ما يجعل من الاختبارات (بعبع) يرعب جميع أطراف العملية التعليمية.
إنها مشكلة مؤرقة فعلا فمنذ عقود كان نقص عدد المتعلمين هو المؤرق واليوم فإن الزيادة في عددهم صار هو المرعب .. هذا القلق في الحالتين أمر غير طبيعي لأن الأصل فيه كما يفترض أن يكون في حالة النقص بالدرجة الأولى ولكن الحالتين في وضعنا اليمني تعادلتا لأننا لم نكن مواكبين ولم نعد لمثل هذه الحالة, وهذا الأمر يتحمله القائمين على السياسات التعليمية في الجهاز الحكومي دون غيرهم.
هناك خلل عميق في العملية التعليمية أما الجانب التربوي فقد نسيناه أو تنازلنا عنه بحكم ما نعيشه واقعا, فالوزارة المعنية لم تعد هي تلك التي عرفناها منذ عقود تهتم بكل شؤون العملية التعليمية من ناحية الجودة والانضباط والتأهيل والمتابعة لكوادرها, والأسرة هي الأخرى انساقت إلى نفس حالة الترهل والشيخوخة فما عادت بنفس المستوى من المتابعة وتوفير الأجواء المساعدة على التحصيل الجيد وتكتفي بأن تأتي نتيجة ابنها (ناجح) مش مهم هل استحق النجاح أم أنه نجاح احتيالي بالغش, الطالب هو الأخر لم يعد نفس الطالب في سلوكه واهتمامه إلا ما ندر, تلحظ على ملامحه سمات الخيبة والإحباط وعدم الاكتراث لأنه يرى من سبقوه يتسكعون بدون عمل ومن يعمل يمارس مهنا لا تمت لتخصصه بأي صلة ولا تحتاج لكل هذه السنوات التي قضاها في التعليم.
المناهج التي تغيرت في العقد الأخير وحدها مشكلة ولا تلمس فيها أي اتصال بواقع البلاد وحاجاته ولا تقدم الوجبة التعليمية المطلوبة ولو في أدنى الحدود .. المعلم وإن قلنا عليه وطني ولكن سلوكه في أداء واجبه التعليمي ليس وطنيا لأن اهتمامه منصب على الحصول على الراتب نهاية كل شهر .. هل استحق هذا الراتب أم أنه لا يستحقه لا يهم.
انتقادات كثيرة وجهت للمنهج والطالب وأسرته وكذلك لخبرة المعلم ومعرفته ولا يمر عام دون التذكير والتنبيه للملاحظات التي تراكمت على بعضها دون أن يلتفت إليها أحد من المختصين ودون أن يعطيها المجتمع حقها من الاهتمام..
نسمع في السنوات الأخيرة أن الأسرة هي المعنية بالجانب التربوي وهذا الكلام تدليس وهروب من المسئولية لأن التربية تمثل الوجه الآخر للنشاط العلمي ولذا سميت الوزارة المعنية بالتربية والتعليم فالتربية مهمة أساسية ملزمة بها المدرسة والمعلم كجانب تكميلي وتقويمي لدور الأسرة ..
ومن مهام وواجبات المدارس إزالة الحدود بين المعلم والطالب .. بحيث يصبح المعلم صديقا للطالب لا مسلطا عليه كي تصبح علاقتهما علاقة صداقة, يستطيع من خلالها الطالب أن يسأل ويستفسر ويحكي عن اهتماماته وتطلعاته لمعلمه ويطلب من المشورة والمعرفة, وليس عيبا أن يمزح معه ويتشاجر كنتيجة طبيعية للاحتكاك اليومي لأنه كلما كانت علاقتهما بسيطة زادت “المتانة” بينهما والتقدير وهذه الإشارات عند المهتمين بالتحديث في الوسائل التعليمية والتربوية مؤشر إيجابي على نجاح (العملية التعليمية).
أعرف أن مثل هذا الكلام قد تكرر وسيتكرر إلى أن نستفيق من هذه الحالة السلبية ولكن مناسبة اليوم هي الامتحانات التي نتمنى من الله أن تسير على خير ما يرام وأن يحقق من تعب وكد من أبنائنا الطلاب ما يريد وأن تكون نتائج هذا العام خالية من الحسابات السلطوية التي دست نفسها في السنوات الأخيرة في الشأن التعليمي وفق حسابات سياسية (حزبية) دون أي مراعاة للنزاهة ولحال من ينفطر فؤاده بسبب هذا التدخل غير المبرر.

قد يعجبك ايضا