احتفال هذا العام

د/عبد الله الفضلي


في البداية فإنني من المحبين للوحدة اليمنية والمناضلين من أجلها والمدافعين عن استمرارها وصمودها وفي نفس الوقت فإنني لا أحمل الوحدة اليمنية أية تبعات أو أخطاء معينة كما أنني لا أحملها مرارة الاحتفال الباهت لهذا العام بذكراها السنوية بعد مرور أربعة وعشرين عاما على قيامها , لأن الوحدة اليمنية هي هدف وغاية كل يمني ويمنية وهي هدف وغاية كل جيل بصرف النظر عن أولئك الناقمين أو اليائسين من الوحدة اليمنية فقد صمدت صمود الجبال اليمنية الشامخة , ولكني أحمل المسؤولية الكاملة فيما وصلنا إليه من عذاب يومي ومعيشي واقتصادي وأمني أولئك الذين أساءوا إلى الوحدة لما يقرب من ربع قرن من الزمان, وهو زمن قياسي كبير في عمر الشعوب ولكن الوحدة استمرت ومضت إلى الأمام وهذا دليل على رسوخ وثبات أقدام الوحدة اليمنية المباركة وقاومت كل المرتدين عنها .
وعلى الرغم مما تعرضت له الوحدة اليمنية من استغلال وعبث وفساد وتخريب وتشويه لصورة الوحدة من قبل كل الأطراف التي تتنازع الوحدة ما بين شد وجذب وبين مد وجزر إلا أن بذور الوحدة ما زالت تنبت زرعا ونباتا وتينع وتؤتي ثمارها كل حين .
لقد أصبحت الوحدة اليمنية شيئا مفروغا منه وواقعا لا مفر منه ولا مهرب مهما كانت التحديات التي تواجه الوحدة ومهما تعالت الأصوات المنادية بفك الارتباط.
وعلى رأي الشاعر العربي القائل ( كانت حلما فأصبحت حقيقة لا خيالا ) لأن هناك إجماعا عربيا وعالميا على بقاء الوحدة اليمنية واستمرارها واستقرارها , لأن بقاء اليمن موحدا آمنا ومستقرا قد باتت رغبة دولية وأضحت اليمن تحتل مكانة استراتيجية مرموقة في الخريطة الدولية كما أنها تعتبر ممرا دوليا آمنا ونقطة انطلاق للدول العظمى إلى قارات العالم بأساطيلها وسفنها وطائراتها خاصة واليمن تطل على البحار والمحيطات وتتحكم بالممرات البحرية كباب المندب وخليج عدن والبحر العربي وبلحاف وبير علي الذي يمد الدول الأجنبية بالغاز الطبيعي المسال عبر تصديره من بلحاف , وهذا الإمداد يهم الدول الكبرى المشاركة في بناء الميناء ومحطة التصدير .
ولذلك فإن دول العالم تدعم وبقوة بقاء اليمن موحدا خاصة وأن تنظيم القاعدة الإرهابي المتطرف قد بدأ يتوافد إلى اليمن ويتغلغل ويوسع قواعده على الأرض اليمنية بصورة مقلقة ومخيفة ومن خلال اليمن سوف يتمدد نفوذه إلى دول الجوار ومن ثم إقلاق الأمن العالمي والإقليمي على حركات السفن والأساطيل وتبادل المنافع والمصالح بين دول المنطقة المنتجة للنفط وبين الدول الصناعية الكبرى , كما أن تمدد القاعدة في الجزيرة العربية سيؤثر سلبا أيضا على الخطط والاستراتيجيات العالمية وحماية مصالحها الحيوية ولذلك فإن الوحدة اليمنية لم تعد مطلبا شعبيا وجماهيريا يمنيا فحسب وإنما قد أصبحت مطلبا دوليا وبإصرار على دعمها واستمرارها.
وعود على بدء فحينما أشرنا في البداية إلى أن احتفالنا بعيد ذكرى الوحدة اليمنية لهذا العام قد جاء بطعم الحنظل فإن مرد ذلك يعود إلى تردي الأوضاع الاقتصادية الخانقة والأوضاع المعيشية المؤلمة للمواطنين وتردي الخدمات الكهربائية وانعدام المشتقات النفطية وتردي وانعدام الخدمات الصحية والاختلالات الأمنية , كل ذلك قد ألقى بظلاله الكثيفة على نفوس الناس وعدم شعورهم بالفرحة والبهجة والسرور لأنهم يعانون مرارات الحياة اليومية والمكابدة في الحصول على مصادر أرزاقهم وعدم قدرتهم على تلبية احتياجات أسرهم من المتطلبات اليومية المعيشية والاقتصادية وأصبح كل مواطن يعيش حياته ( كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض ) صدق الله العظيم , النور – آية 40 .
وهذه الأمواج كلها ظلم ومظالم وغلاء معيشة وقهر وطغيان وعذاب يومي مستمر أثقلت كاهل الشعب .
وكيف يمكن لنا أن نفرح ونمرح أو نبتهج أو نبتسم وقلوبنا كلها ظلمات بعضها فوق بعضها .

قد يعجبك ايضا