المسؤولية أمانة
علي العماري

* إن أوضاع اليمن المتدهورة لا تقل سوءا عن وضع رجل مريض بحاجة ماسة لطبيب ماهر يشخص أوجاعه وتحديد وصفة علاجية ناجعة لضمان شفائه.
* فمن أين لنا بمثل هذا الطبيب (الطيب)¿ إنه ربما هناك يقبع في مكان قصي بعيد من كرتنا الأرضية المترامية الأطراف ولا نقول في الفضاء الخارجي.
* ولكن يبدو أن الطريقة المثلى لانتشال اليمن من واقعه المزري تتطلب الاستعانة مرة أخرى بالخارج بإسناد هذه المهمة إلى فريق أجنبي خالص 100% مشهود له بالكفاءة والنزاهة بحيث يكون الرئيس اليمني القادم من الصين ورئيس الحكومة من إسرائيل ووزير الخارجية أميركي والدفاع روسي من جنرالات العهد السوفياتي.
* وبذلك أضمن لكم يا شعب اليمن أن تكون هذه التوليفة متعددة الجنسيات أقدر على فهم واستيعاب مطالبكم وإخراج بلدكم من دائرة الفراغ ودوامة العنف.
* لقد تعب اليمن أرضا وإنسانا من كثرة التجارب البشرية الفاشلة وكلما قلنا انفرجت مع مجيء عهد جديد عادت الغيوم المعتمة لتظلل سماءنا بالسواد وتطمر أحلامنا بعواصف ترابية كثيفة تحيل آمالنا إلى سحب صيف عابرة غير ممطرة.
* الفكرة ليست جديدة فقد استعان اليمنيون خلال حقب تاريخية عديدة بالمحيطين الإقليمي والدولي لحل مشاكلهم في الداخل والتصدي لغزاة الخارج وأحدث مثال على ذلك المبادرة الخليجية ودعم الأمم المتحدة للعملية السياسية الانتقالية.
* ولذلك لا يستطيع أحد أن يتهمنا بالعمالة وخاصة أولئك الذين استغاثوا واستنجدوا بالقوى الأجنبية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من نظام حكمهم الذي تهاوى بسرعة كبيرة أمام إعصار الثورة الشبابية الشعبية السلمية في 11 فبراير عام 2011م.
* أكاد أجزم بأن هنالك من بات يميل أكثر فأكثر نحو الحلول الوافدة من خلف التخوم وتزداد قناعتهم كل يوم بأن لا خيار أمامنا سوى التوجه واللجوء إلى الغير.. علنا نجد من يحمل أمانة المسؤولية وقيادة دفة البلد بصدق وأمانة لا بالغش والخداع وافتعال الأزمات والحروب للهروب من استحقاقات المرحلة الراهنة.
* للحكاية قصة قديمة ضاربة أطنابها في أعماقنا فمنذ الطفولة يجري حشو عقولنا الصغيرة “بحزاوي” ساذجة مفادها أن العربي أمين ولا يخون الأمانة كاليهودي وإذا بنا أمام مفارقة مغايرة تماما وبعيدة كل البعد عن واقع وحال العرب والمسلمين.
* فبالرغم من مرور 66 عاما على احتلال فلسطين لم نسمع أن هناك إسرائيليا واحدا خان دولته الغاصبة على عكس الفلسطينيين أصحاب الأرض الحقيقيين.
* إذا كيف نفهم أمانة المسؤولية¿ إما بالارتقاء إلى مستواها أو الانحدار بها إلى قاع الوحل وبذلك نكون قد ولجنا بمحض إرادتنا إلى مستنقع الخيانة من أوسع أبوابها القذرة.