عندما لا يحضر المدرöس

يكتبها: علي أحمد بارجاء

 - قد يعود ابنك من المدرسة مبكöرا عن موعده فتسأله عن السبب, فيجيبك: أن مدرöس المادة لم يحضر, وقد يغيب المدرس عن حصة من الحصص الأولى فيقضي الطلاب يومهم في اللعب. يتعرض المدرöس _ لأنه بشر _ لما يمنعه من حضور حصته فإن كان من
قد يعود ابنك من المدرسة مبكöرا عن موعده فتسأله عن السبب, فيجيبك: أن مدرöس المادة لم يحضر, وقد يغيب المدرس عن حصة من الحصص الأولى فيقضي الطلاب يومهم في اللعب. يتعرض المدرöس _ لأنه بشر _ لما يمنعه من حضور حصته فإن كان من المدرسين الحريصين عوض حصته الفائتة في يوم آخر, ولكن في الغالب أنه لا يستطيع ذلك لأن برنامج الحصص لليوم المدرسي المزدحم لا يسمح, وبخاصة بعد إقرار يوم السبت يوم راحة, وبعد أن نقصت خمس دقائق من زمن الحصة الدراسية. فغياب المدرس عن حصته يؤدي إلى خسارة الطلاب, لأن غيابه سيكون على حساب الدرس, ولن يكون هؤلاء في مستوى الطلاب الذين لم يغب عنهم مدرسهم.
قد يرى بعض الناس أن هذا الأمر اعتيادي, ولا يستحق حتى مجرد الإشارة إليه, ولكن الأمر في الحقيقة عكس ذلك, فضياع حصة دراسية واحدة على الطلاب يؤثر على تحصيلهم العلمي, ولو حسبنا عدد الحصص التي تضيع على أبنائنا في الفصل الدراسي الواحد, وعدد الدروس والوحدات الدراسية التي لم يستنهجوها بسبب ذلك لوجدناها عددا كبيرا, وقد حدثني أحد مديري المدارس: أنه من المتعارف عليه أن يحق للمدرس الغياب يومين في الشهر, ولعله يقصد الغياب من غير مبرöر, وعليه فكم من الحصص سيتغيب عنها المدرس أيضا غيابا مبررا¿
الذي ينبغي أن يحدث, هو أن يستنهج الطلاب كل الوحدات والدروس الموجودة في كتاب كل مادة, مع ما يتبعها من تطبيقات وتمرينات صفية ومنزلية, هذا في الوضع التي تسير فيه الدراسة سيرا طبيعيا في ظل الاستقرار العام للأوضاع السياسية والطبيعية في البلاد.
ولكن الدراسة حتى في هذا الحال لا تخلو من معوقات تتوقف من أجلها بعض الحصص, من أهمها أن تقيم وزارة التربية والتعليم أو مكاتبها في المحافظات دورات تدريبية أو ورش عمل, يؤدى حضور المعلمين إليها إلى توقفهم عن أداء حصصهم.
وأعظم ما تعرضت له العملية التعليمية من معوقات أدت إلى إغلاق المدارس, هو ما حدث في أيام الثورة الشبابية, فقد أخرجوا الطلاب من مدارسهم تحت شعار: (لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس), وبسبب ذلك لم يستنهج الطلاب أكثر من ربع الدروس في كتب المواد المختلفة في أحسن الأحوال, أو ما يحدث للمدارس في الجنوب من إغلاق أيام العصيانات المدنية التي يتكرر إعلانها بين حين وآخر.
صحيح أن ثروات بلادنا كثيرة, ولكنها مبددة ولا نستفيد منها, ولا تعود عائدات أغلبها كاملة إلى خزينة الدولة لترفدها فيتحسن بتلك العائدات اقتصادنا الوطنى ولكن لا شيء أخطر على البلاد من الاستهانة بالعملية التعليمية في مدارسنا, فأبناؤنا هم الثروة الحقيقية التي يجب الاهتمام بها, وعدم التسامح مع من يتهاون بهم وبدراستهم, فمن حقنا عليهم ومن حقöهم أن يستنهجوا بانتظام وبدون انقطاع كل المواد الدراسية, وأن يتلقوا كل الدروس الموجودة في كتب المواد التي بين أيديهم, فلا يفوتهم منها درس واحد. فلا تضطر المدارس أن ترفع نهاية كل عام ما قطع من المنهاج لطلاب امتحان الشهادة للصف التاسع والصف الثالث الثانوي.
وهذا لن يكون إلا بالتغلب على كل المعوقات, وهي كثيرة, وأهمها إبعاد مدارسنا عن السياسة وصراعاتها وتأثيراتها, والابتعاد عن الاختلافات المذهبية وما يتبعها من مناقشات وتصادمات, تنعكس على التحصيل العلمي كما يحدده المنهج الدراسي للبلاد المقرر بما في كتب المواد الدراسية من معلومات ومعارف موحدة لجميع الطلاب في المدارس الحكومية التي تقع تحت مسؤولية وزارة التربية والتعليم.

قد يعجبك ايضا