(السعيد) في نسختها الآن..
محمد صالح الجرادي
محمد صالح الجرادي –
تحافظ مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة على تقاليدها الثقافية والعلمية وتنتظم على إقامتها منذ ما يقارب العقدين من الزمن .
هذه القيمة المؤسسية التي طالما أملناها –والى هذه اللحظة – توافرها في الدور الرسمي الحكومي للثقافة وبمؤسساته وهيئاته المتعددة لا تلغي بعض أوجه القصور في هذا الدور الخاص وهو بالأمر الطبيعي في كل جهد او نشاط .
غير ان هذا الدور المتسم بالتواصل والانتظام يحاول الاشتغال على الهم الثقافي والعلمي في واقع صعب ومحفوف بتعقيدات ليس أقلها التفاعل المتواضع مع ما هو ثقافي والاعتقاد انه ما من جدوى في توجيه المال للنشاط والإنتاج المعرفي والثقافي هذا الاعتقاد الذي لا يحمله القطاع الخاص وحده إنما يسهل القبض عليه في السياسات والتوجهات الحكومية
ففي حين تجيء الثقافة في ادني سلم ما هو مرصود في الموازنة الحكومية تأتي مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة في ذيل قائمة مجموعة هائل سعيد انعم من حيث حجم الدعم الممنوح لنشاطها .. والمؤكد ان العاملين في المؤسسة يتقاضون أقل بكثير مما يتقاضونه العاملون في شركات ومؤسسات المجموعة الصناعية او التجارية او الاستثمارية !!
إن مضي ما يقارب العقدين على إنشاء المؤسسة هو بالزمن الذي يعني معقولية ان تكون مشروعاتها أكثر مما هو قائم إلى الآن وبخاصة في ما يتصل بمشروع النشر والإصدار هذا المشروع الذي يعترف القائمين على المؤسسة بأنه نقطة الضعف الوحيدة في مجموع نشاطاتهم ..
والغريب ان يتعذر هكذا نشاط لمؤسسة معنية بالثقافة وضمن مجموعة أعمال تجارية واستثمارية ضخمة هي مجموعة هائل سعيد انعم والتي كما نعلم امتلاكها لأضخم المطابع الحديثة التي تسخرها لأعمالها التجارية والاستثمارية كما تسخرها لأعمال شركات ومؤسسات أخرى ..
على ان الشاهد في هذا السياق هو أن المتاح لا يتجاوز طباعة الأعمال البحثية الفائزة بجائزة السعيد وعدد ضئيل من إصدارات تبدو هامشية ..
وأيا كانت الطموحات التي أعلنها مسئولي المؤسسة وتوجهاتهم نحو إصدار مطبوعة ثقافية شهرية او صحيفة .. فإنها على أهميتها لا ينبغي أن تسبق مشروع كبير يجب ان يناضلوا من أجله هو مشروع النشر والإصدار للكتاب يتوازى مع ما بدؤوه من جهد في دعم الكتاب من خلال شرائه بأسعار تشجيعية ..
وأكثر من ذلك ان المرصود لصندوق السعيد للبحث العلمي والذي يفوق ما هو مرصود في المجال نفسه في موازنة الحكومة يمكنه أن يتيح التحرك على أكثر من جبهة كما يتيح امتداد نشاط الصندوق إلى تبني دعم جهود بحثية وعلمية خارج ما يتصل بجائزة السعيد ..
ربما استغرقت مؤسسة السعيد للثقافة والعلوم طويلا في العمل على نشاطها البرامجي الأسبوعي والشهري والدوري ( ندوات محاضرات أمسيات أدبية معارض فنية ..الخ) وتركز حضورها الإعلامي على مفردة الجائزة والاحتفال السنوي بتوزيعها على الفائزين والإعلان عن دوراتها الجديدة ضمن مهرجان يحضره أغلب ممثلي وسائل الإعلام المحلية والخارجية والأدباء والمثقفين وهناك لا يتمكن كل هؤلاء من معرفة نشاطات أخرى للمؤسسة باستثناء ما يجري تنفيذه من فعاليات خلال المهرجان .
وفي تقديري أن افتقار المؤسسة إلى أداء إعلامي نشط هو ما يجعل من نشاطات عدة نفذتها خلال السنوات الأخيرة مغيبة او غير معلومة بالنسبة لكثيرين ومن الحق أن نشير إلى جهودها في إنشاء مكتبات ورفدها بالكتاب في عشرات من مدارس مدينة تعز وفي المديريات بالتوازي مع توسعة مكتبة السعيد في مقر المؤسسة ورفدها بأهم المؤلفات والعناوين وإتاحتها أمام القراء والباحثين .. إضافة إلى مشروع الطفل وحاجاته للقراءة والإبداع حيث تمكنت المؤسسة من تنفيذ هذا لمشروع مع مؤسسة ثقافية ايطالية ويستفيد من هذا المشروع مئات الأطفال في عدد من المدارس في تعز ..
وكان واضحا خلال أحداث مهرجان السعيد لهذا العام ما نفذته المؤسسة من مشروعات على صعيد توثيق المخطوطات .. بالإضافة إلى اتساع دوائر التوثيق للعملات والنقود اليمنية عبر التاريخ .. وتوثيقها لأهم الإصدارات الصحفية اليمنية منذ أواخر لعشرينيات من القرن المنصرم .