أزمة أوكرانيا في جنيف !!

عبدالحليم سيف


 -    ما تزال القراءة في  تداعيات اعنف أزمة تعصف بمستقبل أوكرانيا تشبه إلى حد كبير عملية السير في حقل ألغام بسبب تشابك أطراف أزمة تعيش ضمن نزاعات وتناقضات بعضها معلن وآخر
ما تزال القراءة في تداعيات اعنف أزمة تعصف بمستقبل أوكرانيا تشبه إلى حد كبير عملية السير في حقل ألغام بسبب تشابك أطراف أزمة تعيش ضمن نزاعات وتناقضات بعضها معلن وآخر مكتوم بالرغم من الإشارات الايجابية الخارجة من موسكو وواشنطن باتجاه حل الأزمة الراهنة بالطرق الدبلوماسية تبدأ باجتماع رباعي يعقد الخميس القادم في جنيف بحضور ممثلين عن الاتحاد الروسي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأوكرانيا.
وإذا كانت هذه الخطوة تمثل رغبة واقعية لنزع فتيل التوتر الذي يسود النزاع الساخن حول أوكرانيا فالمؤكد أن لقاء جنيف في حالة التئامه بموعده المضروب يأتي في خضم أجواء من الحرب الكلامية بين الغرب وروسيا مع ثبات المواقف على ما هي عليها من قبل إذ يعود الصراع الجيوسياسي على أوكرانيا – هذه المرة – وسط انفجار النزعات القومية والأثينية والدينية وقد أحدثت شرخا في النسيج الاجتماعي للسكان وصار الحديث في وسائل الإعلام عن ” شعبين ” كل له لغته وتوجهاته السياسية والاجتماعية والثقافية والتاريخية المتناقضة..!!
إن كل ذلك يمثل بالطبع قلقا لدى سياسيين ومحللين من وضع أوكرانيا على شفير الهاوية خاصة وحكومة كييف الجديدة التي أمسكت بمفاصل الدولة لا تستطيع فعل أي شيء لأن قراراها ليس بيدها فهي تعاني من الإفلاس وتركها الغرب وحيدة دون أن يقدم لها دولارا واحدا عدا إغراقها بالاجتماعات والقمم والمؤتمرات وصرف الوعود المعسولة !!
غير أن للانتقال إلى مكان طبيعي مازال مستبعدا ..فشبح الحرب الأهلية تلقي بظلالها على المناخ المكفهر..وإن اندلعت حربا فلا محالة من امتداد شرارتها لتضرم النيران في جسد “القارة العجوز” ما يضاعف من هكذا توقعات ووجود أقليات وحركات انفصالية وراديكالية في أوروبا تطالب بحق تقرير مصيرها وبعضها تقف وراء بروز تيار قومي متعصب في كييف يعتبر “أوكرانيا للأوكرانيين ” وذلك في بلد يتواجد به قرابة (134) قومية ..أكبرها القومية الروسية.
ولأن القطع بعدم حدوث انفراجة قريبة فكل شيء في حكم المؤجل حتى ما بعد اجتماع السابع عشر من شهر ابريل الجاري فلا حوار تقوده حكومة كييف لإقناع المناهضين لها في شرق وجنوب البلاد للتخلي عن مطالبتهم بالاستفتاء لتقرير المصير على غرار ما جرى في مارس الماضي في شبه جزيرة القرم ..ولا خطوة تجاه إلغاء قانون اللغات وإعادة بث القنوات الفضائية بالروسية ..وحدها لغة الوعيد بالسحق والسحل تعلو..والتهديد بالسجن 15سنة ومصادرة أموال كل من يدعو للانفصال ..إلى حد أن برلمانيين في كييف نعتوا المحتجين في شرق البلاد بـ “الانفصاليين والعمالة لروسيا ” مقابل وصفهم لسكان غرب أوكرانيا بـ” الشرفاء والوطنيين ” ومع هذا التحول السلبي تبدو الساحة الأوكرانية على شاشات التلفزة العالمية وكأنها تتهيأ لخوض مباراة حاسمة وصعبة..والأقرب إلى روح معركة حربية ضارية (¿!).
وبما ان غيوم هذا الشتاء تأتي مع بعضها البعض ..فما هدف الاجتماع الرباعي ..هل اخذ أوكرانيا إلى الحوار وإجراء إصلاحات دستورية عاجلة تراعي مصالح حقوق جميع أقاليم للبلاد في إطار كونفدرالي كما يقترح البعض ¿ أم أن دوافع الكراهية المنبعثة من دول في حلف “الناتو ” ضد روسيا وشعور الأخيرة بأن حربا إعلامية في ” الميديا الغربية ” ترتفع شدتها بمصطلحات الحرب البارة مع مرور كل يوم.. وإن خطرا أطلسيا يحيق بأمنها قد يؤدي إلى نكسة مدمرة تفضي إلى تفكيك أوكرانيا وتنسلخ منها المقاطعات الشرقية والجنوبية التي تعد العصب الاقتصادي والصناعي للبلد ¿ وهل ستتخلى موسكو بسهولة عن ” كييف الروسية ” وهي ذاتها ” روسية الكييفية”..كما يقول تاريخها ¿!
وبين طرح تلكم الأسئلة.. ومحاولة الإجابة عليها تلاحقت الأحداث والمؤشرات بسرعة مذهلة خلال 72 ساعة حاملة قدرا من التصعيد ففي حين نقلت التقارير الإخبارية عن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري.. أن اتفاقا تم حول القضايا التي ستكون محل البحث في جنيف لحل الأزمة الأوكرانية “.. في إشارة ضمنية إلى قبول الأطراف الأخرى فرض رؤيتها على موسكو وجعلها تقبل بمبدأ التعاطي مع القيادة الجديدة في كييف والاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية الأوكرانية المقرر إجراؤها في الخامس والعشرين من مايو المقبل زد على ذلك مطالبة واشنطن لموسكو بوقف تدخلها في شرق وجنوب أوكرانيا وضرورة استمرارها في تزويد كييف بالغاز الروسي دون شروط !!
رد الحكومة الروسية لم يتأخر فقد نسف وزير خارجيتها سيرجي لافروف تصريحات كيري وفي تصريحات له في موسكو السبت نفى حدوث أي

قد يعجبك ايضا