الكتابة الساخرة ليست تهريجا

أحمد غراب

 - * هناك حدود ومعايير كثيرة تفصل فصلا كليا بين الكتابة الساخرة والتهريج.
 الكتابة الساخرة هي فن صناعة الابتسامة الهادفة والذكية وأسلوب تنفيس يستهدف كل ما هو سلبي في حياتنا اليومية  اما التهريج فهو صناعة النكتة المجردة بهدف الإضحاك ل

* هناك حدود ومعايير كثيرة تفصل فصلا كليا بين الكتابة الساخرة والتهريج.
الكتابة الساخرة هي فن صناعة الابتسامة الهادفة والذكية وأسلوب تنفيس يستهدف كل ما هو سلبي في حياتنا اليومية اما التهريج فهو صناعة النكتة المجردة بهدف الإضحاك لمجرد الإضحاك.
الهدف من التنكيت هو التنكيت في حين الكتابة الساخرة لا تهدف الى السخرية كما يتصور الكثير وانما التعبير الذكي واللطيف عن معاناة الناس اليومية بطريقة تجعلهم يشعرون بالتنفيس عن همومهم ولذا تعتبر من أكثر الفنون جذبا للقارئ لأنها تمسه شخصيا وتنفس عما بداخله.
الكتابة الساخرة تلامس أعماق الناس وتعري القبح الموجود في المجتمع وتصور الواقع المعاش بطريقة تفصيلية ذات دلالات عميقة وممتعة في ذات الوقت وهو ما يمثل تنفيسا للناس وهو ما لا نجده في التهريج الذي يركز على الضحك كهدف أساسي ورئيسي.
المواطن اليمني بطبيعته وتلقائيته يعبر عن معاناته بهذا الاسلوب شفهيا
فهي سلاح فردي كما يعتبره علماء النفس يلجأ اليه المواطن للتنفيس عما يعانيه بالإضافة الى انها عمل اجتماعي وبالتالي فالكتابة الساخرة ليست تهريجا ولا تنكيتا بل هي نوع خاص من التحليل الذكي والظريف للواقع وتركز على عمق الاشياء ودلالاتها بعكس التنكيت والتهريج الذي ينصب اهتمامه على مظهر الشيء وشكله الخارجي.
الكتابة الساخرة ـ كممارسة وحالة ابداعيةـ هي فن الالتفاف على المحظور أو بالأصح الالتفاف على الواقع لإيصال رسائل قد تكون ممنوعة أو تمثل خطوطا حمراء يصعب تجاوزها بأسلوب الكتابة الجاد لكن يمكن تجاوزها بسهولة بأسلوب الكتابة الساخرة بأسلوب ذكي ومغلف وظريف ربما لهذا السبب تعتبر الكتابة الساخرة فنا ذكيا لا يتقنه الا القليل وأحد اصعب الفنون الكتابية.
الفرق كبير وشاسع بين المهرج والكاتب الساخر فالاول هدفه الاضحاك والثاني يهدف الى السخرية المرتبطة بأفكار تهم مجتمعه ووطنه وواقعه ولا يشترط أن يكون المهرج مثقفا بعكس الكاتب الساخر الذي ينبغي ان يكون حسه الثقافي والاجتماعي عاليا وثقافته واسعة في كل شيء بالإضافة الى ذلك فإن الحس النقدي وسرعة الاندهاش والجرأة الهادفة والاقتناص المواكب للواقع كل هذه الصفات تميز الكاتب الساخر عن المهرج.
لابد من توفر ستة شروط لكي نطلق على هذا النص أو ذاك بانه ادب ساخر:
الاول: احساسه بمفردات الواقع من حوله
الثاني: جرأته وقدرته الدائمة على التمرد والاستغناء
الثالث: التنويع والابتكار والتجديد في الافكار
الرابع: الاحساس النقدي اللاذع
الخامس: الثقافة الموسوعية الشاملة
السادس : الذكاء وسرعة البديهة واقتناص الافكار من الواقع.
اذكروا الله وعطروا قلوبكم بالصلاة على النبي
اللهم ارحم أبي واسكنه فسيح جناتك وجميع أموات المسلمين

قد يعجبك ايضا