مرة أخرى: الاسترخاء الأمني يشجع الأعمال الإرهابية إلى ما هو أشد من الأعمال السابقة ¿

د\عبد الله الفضلي

 - 
لقد تناولنا في مقالة سابقة نشرتها صحيفة الثورة بتاريخ 2014/1/11م في العدد 17950 جاء فيها أن الاسترخاء الأمني وعدم الانضباط العسكري في كل الوحدات العسكرية هي أخطاء
د\عبد الله الفضلي –

لقد تناولنا في مقالة سابقة نشرتها صحيفة الثورة بتاريخ 2014/1/11م في العدد 17950 جاء فيها أن الاسترخاء الأمني وعدم الانضباط العسكري في كل الوحدات العسكرية هي أخطاء كبيرة ونتائجها وخيمة وينبغي تداركها وتصحيحها , ولكن لا حياة لمن تنادي , فقد ربما لم يقرأ أو يطلع على تلك المقالة أحد من المسئولين في قوات الأمن أو من خلال ضباط الجيش وحتى لو افترضنا جدلا أن هناك من قرأ المقالة وأنه بعد قراءتها قد قام برميها على الأرض ويقول في نفسه كلاما فارغا, وكأنه لم يقرأها بالمرة أو يفهم فحواها, مع العلم أن المقالة المشار إليها قد تضمنت العديد من الملاحظات والإشارات الهامة التي أظهرت بعض الثغرات والسلبيات والممارسات الخاطئة التي تحدث في وحدات القوات المسلحة والأمن خاصة الوحدات المرابطة في الأماكن الهامة والحساسة , وقد أشرنا في المقالة أن الأماكن الاستراتيجية والحساسة ينبغي أن تعطى أولوية قصوى وينبغي أن يكون الأفراد الذين توكل إليهم مهام الحراسة في هذه الأماكن والمرافق الأمنية أن يكونوا من ذوي الثقة والمهارات العالية والتدريب والتأهيل العالي والانضباط العسكري الصارم وحصولهم على دورات تدريبية عالية في الكليات العسكرية المتخصصة والتقيد بالمهام والتعليمات والتوجيهات الصادرة إليهم وأن يتم تنفيذها بدقة , وبالتالي لا ينبغي تغيير أفراد الخدمة في تلك الأماكن إلا من خلال جهات عليا تشرف على هؤلاء وتراقبهم وتراقب أداءهم الأمني والالتزام بالتوجيهات والأوامر وألا يتم تغيير أفراد الحراسات للمنشآت الحيوية إلا من أفراد من نفس المجموعة السابقة , ومن ثم التعقيب عليهم بين الحين والآخر وتزويد أولئك الأفراد بأجهزة الاتصالات الحديثة والمناظير لكي يستطيع الأفراد الكشف عن أي تحركات مريبة ومن مسافات بعيدة فضلا عن سرعة التواصل بالجهات العسكرية والأمنية العليا وذلك لتلافي الجريمة قبل وقوعها .
إن ما حدث ويحدث من اختراقات أمنية من قبل الإرهابيين ومن اعتداءات إجرامية على المنشآت والمعسكرات والسجون ما هو إلا جزء من حالة الفلتان وعدم الانضباط وتحمل المسئولية وأداء الأمانة المناطة بهم بالإضافة إلى الاستهتار بأرواح الأفراد الذين يتم التضحية بهم في كل مرة ¿
ومع الأسف الشديد فإن لدينا الآلاف من الخريجين من الكليات العسكرية والمعاهد والكليات العسكرية العليا قد حصلوا على دورات تدريبية وتأهيلية وعلمية وأكاديمية سواء في الداخل أو في الخارج في مجالات الأمن المختلفة والمخابرات والاستطلاعات العسكرية والتحريات والحراسات وحماية المنشآت وحماية الشخصيات وغيرها من المهام والمهارات والخبرات التي اكتسبوها , إلا إنها للأسف قد ذهبت مع الريح ولم يتم تطبيقها أو الاستفادة منها على أرض الواقع وفي مسرح العمليات وفي حماية المنشآت بشكل فعال, وبات الإرهابيون أكثر قدرة ومهارة وأكثر تخطيطا وأكثر اختراقا للأجهزة الأمنية المتعددة والمخابرات العسكرية بشكل عام , وتفوقوا على خريجي الكليات العسكرية العليا واضعي الخطط الدفاعية والإستراتيجية وهم ينفذون عملياتهم في أي مكان أو زمان وينجحون في ذلك نجاحا مشهودا وكان آخرها نجاحهم في تهريب 29 إرهابيا (السجن المركزي) ¿
وكيف أن الإرهابيين قد طوروا من أساليبهم ومفاجأتهم للأجهزة الأمنية والعسكرية وبدلا من مهاجمتهم في أوكارهم ومطاردتهم في كل مكان باتوا هم المباغتين والمهاجمين من خلال ضرباتهم الاستباقية على الأماكن والمنشآت الحيوية.
فإلى متى سنظل نتلقى الضربات الإرهابية الواحدة تلو الأخرى دون أن نعمل أي شيء يقلل من الخسائر البشرية ويكبح جماح الإرهابيين ويقضي على أماكن تواجدهم وأماكن تدريباتهم ومن يقومون بتمويل عملياتهم .
وخلاصة القول فإن هناك استهتارا بدماء وأرواح الضحايا سواء أكانوا من القوات المسلحة أو من قوات الأمن أو من المواطنين وأن هناك انفلاتا أمنيا متعمدا وتساهلا واضحا وأن هناك تسهيلات مقدمة وتعاونا لوجستيا مع الإرهابيين من داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية من تآمر وقتل لإخوانهم وزملائهم وأشقائهم وأصدقائهم وأقاربهم لأنه لا خوف من الله ولا من ضمير ولا خوف من يوم الحساب ويوم العقاب يوم يعض الظالم على يديه ندما وحسرة ولذلك فإن هناك فجوات وثغرات ومسافات بين الجهات الأمنية العليا والوحدات العسكرية وبين المنشآت والمؤسسات الحيوية وبين الضحايا الأبرياء .

قد يعجبك ايضا