الحياة البرية !!!
عبدالرحمن بجاش
تزامنا مع الاولمبياد الشتوي في سوتشي على البحر الأسود في روسيا والتي تشارك فيها دولتان عربيتان فقط تم افتتاح محمية طبيعيه للفهود الآسيوية التي كانت قد ضاعت من أربعين عاما , ثم عادت بفضل من يهتمون بالبيئة والحياة البرية ويدركون الأهمية القصوى للتوازن البيئي , ذلك في روسيا , وفي بريطانيا أعلنت الأسرة المالكة البريطانية على لسان ولي العهد ونجله الأمير وليام عن حملة دولية للحفاظ على الحياة البرية !! , في عالمنا العربي لا يدري الحكام العرب عن الحياة البرية شيئا فهم مسكونون بالخوف من الانقلابات على أشكالها !! . أتذكر جيدا حين كنا صغارا إلى أن وصلنا إلى سن المراهقة تلك الأصوات التي كثيرا ما ترددت تتبادلها أمهاتنا وأهلنا ( الرباح ….الرباح ) فتنطلق الكلاب لملاحقة القرود في تلك الهياج ونحن نستمتع بمنظر ( النيش ) كبيرها ونتبادل الحكايات صحيحها وكذبها عما تفعله الرباح بالإنسان إذا وصلت إليه كأن تحشو (مؤخرته وانفه بالعيدان), وتتكرر الحكاية معظم الأيام خاصة أيام الهثيم !! مثل هذه الأيام , وحين كنا نذهب للرعي في تلك السهول والأودية طالما فوجئنا بظهور الأرانب البرية , وطيور (العقب) و(العيل) – الحمام البري – , والثعالب ونسميها بالمفرد (عسيق) التي أبكتنا كثيرا عندما كانت تخطف دجاجاتنا , أما إذا كان الضحية الديكة فهي الكارثة !!و طالما ارتبط الإنسان بالبيئة والحياة البرية التي لم يعد لها وجود , فضاع الطاهش , والعرجاء , والنمور , وكل أنواع الحيوانات , برغم التسميات الكبيرة لمناطق أعلنت كمحميات طبيعيه , اللوحات في صنعاء وعتمه في ذمار!! , يتحدث الناس عن محمية برع حيث بقايا الثعابين الضخمة ويخفت الحديث عنها يوميا , وإذا تحدثت عنها أو حتى أشرت فلن ينتبه أحد فكلنا مشغولون وأكثرنا انشغالا الجهات ذات العلاقة بالحياة البرية والبيئة عموما , وجمعيات ومنظمات موجودة على اللوحات في العاصمة وكشوفات الشئون الاجتماعية ولا غير ذلك , وكم أتمنى أن أعيد الكرة في الذهاب إلى المخاء , حيث عرفتها في الستينيات وهناك رأيت الغزال لأول مرة في حياتي وحملت أنثاه إلى تعز ولا ادري ولا أتذكر مصيرها , وانظر فافقر حدائق الحيوان ستجدها حديقة الحيوان في العاصمة والتي جاء مكانها على حساب الفريق العمري رحمه الله !!! , وقد عمل خيرا وفاجأني الصديق الاهيل الدكتور عبد الرحمن الزبيري بصور نادرة احتفظت بها في تليفوني للحياة البرية الأروع في ريمه حيث لا تزال العصافير تبني أعشاشها , والسحليات , و(الثعل) يتسلل من بين الشجيرات الكثيفة , وطير العقاب الذي غاب من بيئة قرانا !!وغمام يسكن هامات الجبال الخضراء , ريمة لا تزال بكرا , لكن تخلفنا سيلحق التدمير بها كما لحق بعتمة الخضراء والأكثر جمالا !!, ولو رأيتم حبات البن الملونة لشهقتم من جمالها ..شكرا للدكتور الزبيري , ومتأكد أن لا احد انتبه !! فالكل مشغول في العاصمة !! , احسب أن فرصة عظيمة في أن يتم الحفاظ على ما تبقى من حياة بريه في تهامة في ظل إقليم تهامة وتنشيط ما يعاني من موات , وكذا فإقليم أزال سيكون مطلوبا منه تنمية البيئة بدءا بمزيد من الاهتمام بالحياة البرية وكذا بقية الأقاليم , دعونا نخفف عن العاصمة وننقل اهتمامنا إلى بقية الأجزاء في ظل اليمن الاتحادي , ونعيد للعاصمة القها كعاصمة نظيفة جميلة هادئة , حيث سيتوزع ضجيج آلات العمل افتراضا إلى عواصم الأقاليم لتطل علينا العاصمة الاتحادية مباركة وناصحه , صدقوني لو شمرنا عن سواعدنا وتركنا هذه المباراة التي لا جدوى منها فسنصنع حياة جميله في وطن أجمل لا صوت فيه يعلو على يمنينه …