غياب السلطة المحلية واستبداد السلطة المركزية..!!
عبدالرحمن سيف إسماعيل
رؤية الاستراتيجية الوطنية للسلطة المحلية :-
من واقع مسودة الاستراتيجية الوطنية لتعزيز اللامركزية ولتفعيل الدور التنموي للسلطة المحلية ندرك مدى الخلل الذي أصاب عقلية السلطة المركزية . وربما الأخطاء الاستراتيجية في نظرتها لطبيعة النظام الجيد والذي أصبح هدفا استراتيجيا تسعى الى تحقيقه مختلف شعوب الأرض وعلى وجه الخصوص تلك الشعوب التي تعاني من اختلالات واضحة في بنيتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .
والسلطة تحاول أن تتعامل مع قضايا الوطن بنوع من النرجسية والسطحية فهي تعتمد على بعض الافتراضات غير الموضوعية وتعتقد أن مفردات الخطاب السياسي هو عبارة عن منتج يمني ومن هذا المنطلق اعتبرت المضامين التي حددها دستور الجمهورية اليمنية لنظام اللامركزية يمكن تحقيقها من خلال بعض المفردات التي وردت في الدستور حول السلطة المحلية وحولتها بعد ذلك إلى نظام إداري اعتقدت أنه قادر على استيعاب الحراك الاجتماعي والسياسي داخل الوحدات الادارية ومن خلالها قادر على اقناع الناس بأن هذا النظام هو اللامركزية بحد ذاته .
وقد جاء في وثيقة مسودة اللامركزية بما مفاده أن الدستور في مادته (146) أكد على ضرورة اعتماد مبدأ اللامركزية الإدارية والمالية كأساس لنظام السلطة المحلية ومن هنا يتضح بجلاء أن الدستور أراد للامركزية ان تكون على شكل سلطة محلية وليس حكما محليا تتمتع فيه المجالس المحلية بجميع الصلاحيات السياسية والتشريعية والقضائية والتنفيذية كما هو في الدول المركبة مثل الولايات المتحدة وجمهورية ألمانيا الاتحادية ونجد في هذه المسودة رؤية ضبابية لطبيعة النظام الإداري المحلي .. ففي الوقت الذي يعتبر فيه أن الدستور أراد اللامركزية أن تكون على شكل سلطة محلية تورد رؤية ربما أنها تختلف معها إلى حد كبير .. وتقول وبعبارة أخرى فإن الدستور يؤكد في هذه الحالة على أهمية قيام نظام للسلطة المحلية ضمن البناء الدستوري للسلطة المركزية لدولة الوحدة باعتباره تجسيدا حيا للإرادة الشعبية ولكن باعتباره الاستثناء وليس الأصل . فالأصل في الدستور ان جميع السلطات كلها بيد السلطة المركزية غير أنها تقوم وفقا للآلية الدستورية والمقرة بنقل وتفويض سلطات مالية وإدارية محددة يتضمنها القانون الخاص بالسلطة المحلية واللوائح التنفيذية المتفرعة عنه .
وهذا يؤكد حقيقة أن السلطة المركزية غير جادة في نقل الصلاحيات إلى المحليات وتعتبر أن السلطة المركزية ينبغي ان تظل تمثل الهيمنة والقوة والسيطرة ولا تريد أن تتنازل للمحليات ببعض الصلاحيات .. واللامركزية بالنسبة لها هي وسيلة لإيصال السلطة المركزية ألى المحافظات والمديريات بعد ان كانت قبل هذا النظام أسيرة العاصمة والمدن الرئيسية الاخرى .
أي انها ترى السلطة المحلية جزءا من سلطة الدولة أي احدى مفردات السلطة المركزية ومخرجاتها .
ولهذا تظل السلطة المحلية تحت وصايا السلطة المركزية التي تعمل على الدوام نفسها وصية عليها ومشروع الاستراتيجية الوطنية لدعم اللامركزية والتي تم إعدادها من قبل لجنة وزارية موسعة برئاسة وزير الإدارة المحلية تؤكد بل تصر على هذه العملية. فمن ( المسائل التي أكد عليها قانون السلطة المحلية مجددا كما فعل الدستور من قبل أن الأصل في منظومة الحكم في اليمن هي المركزية وان اللامركزية المالية والإدارية هي الاستثناء ويعني ذلك من الناحية العملية أن السلطة المركزية هي المعنية أولا وأخيرا بنجاح نظام السلطة المحلية المنبثق عنها … وأضاف مشروع الاستراتيجية وفي حالة عدم الوصول الى حلول مرضية من قبل السلطة المركزية الممثلة في رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء يمكن للسلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية اتخاذ قرار بحل المجالس المحلية والقانون وكذا الدستور هنا يؤكدان على أن الاصل هو المركزية وان اللامركزية هي الاستثناء .. وتؤكد عليه السلطة المركزية في رؤيتها الاستراتيجية المستقبلية… و العمل على تطوير منظومة السلطة المحلية امر يظل محدودا ودفع العمل في اتجاه المركزية الشديدة هو الخيار الاساسي للسلطة المركزية .
والقانون أعطى السلطة المركزية سلطة الإشراف والرقابة على المجالس المحلية وان قرارات مجلس الوزراء ملزمة لجميع وحدات الادارة المحلية .
فالسلطة هنا تفصل منظومة تشريعية وادارية وقانونية للمستقبل وتعمل على بناء واقع متناقض يعيش حالة انفصام مزدوجة بين مهام رقابية وإشرافية مسنودة بالقوة من الاعلى ومهام رقابية وإشرافية محكومة بموافقة الح