التميز المدمر!
محفوظ البعيثي
محفوظ البعيثي –
لاشك بأن وراء معظم مصائبنا ومعاناتنا ومشكلاتنا نحن اليمنيين مغالاتنا في مختلف شئون حياتنا ففي السياسة نحن أكثر شعوب العالم مغالاة في تنافسنا واختلافنا وخصوماتنا وكذلك هو الحال في ما يتعلق باختلاف وجهات النظر والرأي والقناعات في ما بيننا نتميز بالمغالاة.. وإذا ما نظرنا إلى الجانب الديني والمذهبي سنجد أننا أكثر شعوب العالم مغالاة في الاختلاف المذهبي والديني الذي يعد رحمة وقد أكدت على ذلك آيات وأحاديث منها ” اختلاف أمتي رحمة..” وحين يطالب البعض منا بحقوقه المشروعة يكون مغاليا في مطالبه ومفرط في كيل التهم على هذا المسئول أو تلك الجهة.
حتى حين يغض الطرف البعض الأخر عن حقوقه المشروعة حتى حين يغظ الطرف البعض الأخر عن حقوق المشروعة ويقبل بالظلم الذي يتعرض له نجد أن هذا الطرف- أيضا- يغالي كثيرا في صمته وبتحمله للآلام جراء ما يتعرض له من ظلم.. ولأننا شعب يعشق ويؤمن بالمغالاة المتجذرة في ممارساته وسلوكياته منذ الأزل لم نحافظ على جنتي مملكة سبأ وعلى ما أنعم الله به على شعب سبأ من أمن واستقرار وخير وفير حيث الإفراط في ارتكاب المعاصي وفي المغالاة بمطالبنا من رب العالمين يضرنا ولا ينفعنا وجميعنا يعلم بالدعوة التي وجهها أجدادنا للمولى عز وجل والتي طالبوا بالمباعدة بينهم وبين أسفارهم ” ربنا باعد بين أسفارنا” فكانت النتيجة سيل العرم الذي هدم سد مأرب وجرف الأراضي الزراعية والمساكن وفرق أيادي سبأ إلى أصقاع العالم ومنذ ذلك العهد وإلى وقتنا الراهن ونحن نتميز عن غيرنا من شعوب العالم بالمغالاة والفجور في تعاملاتنا مع بعضنا البعض ومع غيرنا وندفع ثمن ذلك غاليا من دماء خيرة أبناء الوطن ومن أمننا واستقرارنا و…. و…. و.. الخ.
وبسبب هذه المغالاة ها نحن وفي أكثر من محافظة من محافظات الجمهورية ندمر ما بنيناه بأيدينا وما بناه آباؤنا وأجدادنا حتى وصلنا بالوطن إلى شفا حرب أهلية مدمرة ومحرقة للأخضر واليابس.