لم تترك عناوينها

محمد المساح


 -  كأن الامكنة بدلت مواقعها وانتقلت إلى حيز آخر. هكذا بدا الأمر.. وهو يصل عند الغسق.. حينما ترجل من حافلة الركاب في بداية الشارع الرئيسي للمدينة الساحلية تطلعت عيناه
> كأن الامكنة بدلت مواقعها وانتقلت إلى حيز آخر. هكذا بدا الأمر.. وهو يصل عند الغسق.. حينما ترجل من حافلة الركاب في بداية الشارع الرئيسي للمدينة الساحلية تطلعت عيناه على امتداد الشارع المنظر ذاته ونفس المشهد السيارات في الاتجاهين وقد فتحت أضواؤها الامامية تنير الاسفلت المفروش تحت عجلاتها وضجيج الموتورات الأجرة.. وهي تمرق ملتفة نحو الشوارع الجانبية للشارع الرئيسي صعدت نظرته على جدران العمارات المصطفة على الجوانب وتوقفت العين على ستائر بيضاء على واجهة عمارة كانت الستارة البيضاء تستوي على نصف النافذة والنصف الاسفل شبك خشبي مخرم.. هذا المشهد العادي الذي التهمته العين.. أثار فيه زوابع الحنين.. إلى البدايات الأولى حين قدم إلى هذه المدينة في ذياك الزمن والحيز المكاني لم يتوسع بعد ويمتد وينتشر والبحر قريب من النظر.. ونسمات طازجة بحرية تهب.. حاملة رائحة البحر ووداعته. شرد الذهن في تلك الاستدعاءات والاسترجاعات والتي انتالت من الذاكرة بصعوبة لم يكن الزمن الذي مر عليه من آخر زيارة لهذه المدينة بالفترة الطويلة هو عقد وبضع سنين.. وكان العبور والمرور يتوالى ما بين آونة وأخرى.. والمدينة معهودة لديه بمعالمها أعاد النظرة ثانية بعد تلك الاسترجاعات وبرزت صور ووجوه لأصدقاء وبشر كانوا يكونون.. فضاء المشهد وفي حيز المكان وانتابته في النفس تساؤلات حزينة وصامتة عن تلك الصور والوجوه.. التي ذهبت وغابت.. أما تزال في نفس المكان¿ أم انطفأ وقع خطواتها على رصيف الشارع¿ أم انسلت بهدوء.. وببطء خطواتها الذي لا يصنع صوتا.. وتراجعت إلى الشوارع الخلفية.. والبعيدة في أطراف المدينة.. ولم يتسن لها الوقت.. لتترك عناوينها.

قد يعجبك ايضا