وصايا لابúنöي في زمن رديء
علي بارجاء
لم يكن شهر ديسمبر آخر شهورö هذا العام شهر خير, ولكنه ربما يكون بشيرا لعام جديد يهل علينا بعد أيام فيكون أفضل من الأعوام الثلاثة السابقة في كل شيء بإذن الله.
هزت حوادث هذا الشهرö الكئيب ضمير الإنسان في اليمن, ومنها مقتل المقدم سعد بن حمد بن حبúريش العلöيöي شيخ مشايخ قبائل الحموم, ورئيس حلف قبائل حضرموت, الذي قتöل مع بعض مرافقيه في نقطة مستحدثة عند المدخل الغربي لمدينة سيئون, وكان من نتائج هذا الفعل المشين أن اجتمعت قبائل حضرموت وأعلنت عن هبة شعبية سöلمية تبدأ هذا اليوم الجمعة للتصدöي لكلö التصرفات السيئة التي تحدث في المحافظة, ونتمنى أن تحقق هذه الهبة المرجو منها بسلام, ومن غير خسائر أو أضرار, وعدم استغلالها من أطراف أخرى لاجتراح أعمال تخريبية لإفشالها. لقد كان مقتل المقدم بن حبريش القشة التي ستقصم ظهر البعير, وقد صدق فيها قول الشاعر المحضار بعد أن كثرت حوادث الاغتيالات في حضرموت: (ولكن قد تجي وحúدöه ولا تöلقى قبول), وهذه هي فعلا قد جاءت.
أما الحادث الآخر فهو حادث الهجوم على مستشفى العرضي بصنعاء. إنهما حادثان لا يعبöران إلا عن وحشية لا تعرف رحمة, وقلوب ونفوس لا تتحلى بأدنى صفات الإنسانية.
حين عرضت القناة الفضائية اليمنية مناظر القتل التي سجلتها كاميرات المراقبة بمستشفى العرضي, ورآها من المشاهدين الكبير والصغير, والذكر والأنثى أثرت تأثيرا بالغا في النفوس, وأقسى التأثير ما وقع في نفوس الأطفال الذين لم يستطيعوا التصديق أن ما حدث كان فعلا حقيقيا جرى على الواقع في صنعاء عاصمة يمن الحكمة والإيمان, بل فهموه على أنه مقطع من أحد الأفلام الأميركية المعتادة التي يرونها على شاشات القنوات الفضائية.
أقول هذا, لأن ابني الصغير المنتمي للصفö الخامس من التعليم الأساسي, كان أحد أولئك الأطفال, فقد تسمر وهو يرى المشهد الدامي, ولم ينبس ببنت شفة, بل ارتسمت على محياه علامات الدهشة الممزوجة بالرعب. بعد انتهاء عرض المشهد أحسست بتنهيدة عميقة تصاعدت من صدره, فأسرعت إلى احتضانه لعلöي أن أخفöف عنه بعضا من هول الصدمة النفسية التي قد تؤثöر على حياته لم أتمالك نفسي ساعتها, وأحسست بغضب ينتابني, وأنه لا بد من أن أنفöس عن غضبي فالتفت إلى ابني لأصب عليه سيلا من النصائح التي تفوق فهمه, ويعسر عليه استيعابها, قلت له بلا مقدöمات: أرأيت ما حدث يا بني¿ هل تتصور أن يقتل إنسان أخاه الإنسان بهذا الشكل¿ هؤلاء القتلة يا بني هم وحوش كاسرة في صورةö بشر, هؤلاء يا بني مجموعة ممن انتزöعت من قلوبهم كل معاني الرأفة والرحمة, وباعوا دöينهم ودنياهم لفكر ضال, فكانوا آلة استخدمها من هم أكثر منهم وحشية لينفöذوا مآرب لهم لا ندري ما هي, من غير حسبان للكيفية التي يتم بها تحقيق ما يريدون, ولو كانت الإبادة لكل من يقف في سبيلهم, حتى وإن كانوا من الأبرياء.
يا بني, لقد منح الله الإنسان عقلا يميöز به الحق من الباطل, والصواب من الخطأ, والحقيقة من الزيف. ولم يمنحه إياه لكي يسلöمه لغيره فيشكöله كما يريد, ويفقده حقه في التصرف والحكم على ما يرى ويسمع, ليصبح في النهاية ألعوبة للأفكار الضالة التي تغسل دماغه, فيكون موقفه منها كموقف الميت أمام مغسöله, يصرöفه ويقلبه كما يشاء, فيجعله يلقي بنفسه إلى التهلكة التي نهى الله عنها.
فاحúذرú من مثل هؤلاء, وأعمöلú عقلك, وفكöرú في كل ما تسمع وتقرأ ليكون لك رأي مستقöل, وموضع قدم في هذا العالم المادي تنال به محبة الناس واحترامهم وتقديرهم فليس كل ما تسمع أو تقرأ حقيقة وصدقا, فما أكثر الغöش والكذب في الألسنة وفي الأقلام, وليس كل ما يلمع ذهبا, وإياك إياك ممن يزيöنون الكلام, واكتسبوا مهارة دس السمö في العسل. و(ضل سعيهم في الحياة الدنيا, وهم يظنون أنهم يحúسöنون صنúعا), فكل واحد من هؤلاء سوف (يطبöل لك ويفقع لك بöشن من أجل يقضي شان).
كنú مواطنا صالحا, وتعلمú واعúملú بنافعö ما تعلمت, واعلمú أن أسرتك تحتاج إليك لتفخر بك, وأن وطنك يحتاج إليك لتساعد في تنميته وتطويره وتقدمه. وعöشú حياتك محبا للناس, حي الضمير, مخلصا وفيا صادقا في كل شؤونك, ولا تفعل فعلا