وهكذا ترجل السندباد

أحمد علي علي جابر

 - 
ما للبحار ترجلت للسندباد¿
ما للشواطئ أبحرت في جرحه
وتحلقت حول الضماد¿

ما للبحار ترجلت للسندباد¿
ما للشواطئ أبحرت في جرحه
وتحلقت حول الضماد¿
ما للسنين توقفت عند الدواة
وكابدت وجع المداد¿
هل كان بحارا يجيد الغوص في الأعماق
والأشواق.. والحلم المراد¿
أم سيفه المصقول في نار الجهاد¿
أم أنه مهر العناد¿
أرخى أعنته الجريحة للنهاية واستراح..
وأطفأ القنديل في((نهر الرماد))….ديـوان من مجامر الأحزان قصيدة رحلة السندباد الأخيرة – محمد الشرفي
هكذا ترجل السندباد ,وهكذا غادرنا بلا سابق إنذار, لم يكتب لنا تفاصيل رحلته الأخيرة , ولم يلوح بيده البيضاء ليودع أصدقاءه ومحبيه , تركنا في لحظة أسى وألم لنفتقد حضوره وألقه ودماثة أخلاقه ولغته الشاعرية التي تأسرك وثقافته التي لم تشيب أو تهرم رغم ما اعتراه من مرض لكنه احتفظ بشخصيته البشوشة التي لم تنكسر أو تنهزم أمام طول مرضه وتوجعه …لم تفارقه تلك الابتسامة التي لازمت محياه أو تلك القبعة الجميلة التي أبانت عن مظهره الجميل والأنيق … ترجل بعد أن كان فارس القصيدة وسيد المسرح , سنوات طوال ستمضي دون أن ننسى أو تتناسى الأجيال القادمة الشاعر والكاتب المسرحي محمد حسين الشرفي ,بل لا أبالغ لوقلت أن هذا الرجل بأدبه وما أغنى به المكتبة الأدبية لن يفتقد البتة من ذاكرة الوطن , لأنه جزء من هذه الذاكرة , وواحد من صناع المشهد الثقافي فيه, قرابة نصف قرن من الزمان ظل هذا الشاعر يصدöر خطابا ثقافيا يتسم بالتنوير مستبصرا لدور الأديب في تقديم رسالته الإنسانية التي تسهم في ترميم القيم المجتمعية وإصلاح منظومة الفكر الاجتماعي , لقد خاض الشرفي معتركا طويلا وهو ينظöر لفكرة التكامل الإنساني بين الرجل والمرأة من منظور العدالة الاجتماعية, داعيا إلى عدم امتهان المرأة أو استعبادها أو حتى التفكير باستبعادها من مضمار الحياة الجديدة التي استشرف لها آفاقا رحبة في ظل التطور والنهوض الاجتماعي الذي عبرت عنه الكثير من المجتمعات المتحضرة , لقد احتلت المرأة مركز إبداعه ليحملها هما في مواجهة مجتمع منغلق على إرث من التقاليد وفي ظل تراجع ملفت لكثير من المثقفين في اليمن عن التمثل لهذا الجانب الاجتماعي , فكانت القصيدة أولا هي الحاضن والمعبر عن هذا المخاض الفكري الجديد الذي لم تألفه لغة الشاعر اليمني لأن براءة الاختراع كانت للشرفي وبالتحديد في ديوانه دموع الشراشف, ولأن القصيدة لها جمهورها ومتلقيها, وبما أن جمهور الناس في اليمن كانوا بعيدين عن القراءة الشعرية بسبب الجهل الذي رزح عقودا لا يبارح عقول غالبية أفراد المجتمع فقد كان من الأهمية بمكان أن ينطلق الشرفي للتعبير عن مضامينه التنويرية عبر خطاب أدبي أكثر تلقيا وأوسع جمهورا فكانت المسرحية ثانيا هي ظالة هذا المبدع للتعبير عن رغباته في تحطيم الواقع الاجتماعي وكسر جموديته والانعتاق من راهنه الملبد بغيوم من التخلف والجهل …لقد مثلت مسرحيته في أرض الجنتين باكورة عمله المسرحي وأولى التجارب المحلية لكتابة المسرحية ,إذ كانت الريادة له حسب كثير من النقاد في هذا المجال … وتتوالى تجاربه الشعرية والمسرحية معبرة عن لغة أدبية راقية وأسلوب ملتزم بقضايا مجتمعه, ورغم ترحالاته وانشغالاته السياسية فقد ظل ذلك المبدع الذي لم يفارقاه القلم والدواة ولم يبتعد عن مشهد الثقافة والأدب في كل العواصم العربية التي شغل فيها موقع السفير في تلك البلدان كان له حضوره وتألقه وقد نال شعره ومسرحياته اهتمام الكثير من النقاد العرب سيما تلك الدراسات الأكاديمية التي ارتأت في أدبه متنفسا لها ومجالا لانشغالاتها التطبيقية نذكر منها رسالة ماجستير : بعنوان : ((محمد الشرفي بين الفن والالتزام)) بغداد, للباحثة سميرة عبده مخوش من معهد البحوث والدراسات العربية الجامعة العربية وقد سبق للباحثة إصدار كتاب عن الشاعر معنون بـ((محمد الشرفي وقضية المرأة)) عام 1987م, ورسالة دكتوراه للباحث العربي المهجري الأستاذ الشاعر: جميل ميلاد الدويهي قدمها لجامعة سدني استراليا بعنوان)) محمد الشرفي ومسرحه السياسي الاجتماعي )) طبعة أولى دار الآفاق صنعاء عام 2001م . ورسالة ماجستير: للباحثة سلوى الصرحي بعنوان” صوت المرأة اليمنية في شعر / محمد الشرفي قدمتها الباحثة لجامعة كولورادو الولايات المتحدة الأمريكية عام 1997م و مجموعة دراسات عن أدبه وشعره ومسرحه : لمجموعة من الكتاب العرب والأجانب جمعت في كتابه بعنوان ” أضواء على تجربة محمد الشرفي الشعرية والمسرحية صدرت في عام 2001م : عن دار الآفاق صنعاء. وتوالت اهتمامات الباحثين بأدبه فصدر كتاب باللغة الإنجليزية : عنه وعن الشاعر البردوني و المقالح .
كما صدر عن

قد يعجبك ايضا