كيف نخفض من فاقد المياه¿
محمد العريقي
رغم التأكيدات المستمرة المدعمة بالأرقام والمؤشرات والدراسات والمسوحات الميدانية عن شحة المصادر المائية في اليمن لأسباب طبيعية وسوء إدارة وزيادة طلب في ظل ارتفاع نمو سكاني فإن المخاوف تتصاعد وهناك ما يبرر ذلك إذ إن نسبة كبيرة تصل تقريبا إلى 50٪ من الاحتياجات الفعلية في مختلف المجالات (الزراعة – الشرب – الصناعة – والاستخدامات الأخرى) تسحب من المياه الجوفية وهذه المياه غير مستقرة لأنها لا تعني السحب من البحر وإنما تسحب من بين تجمعات صخرية في باطن الأرض (يعرف الجيولوجيون كيف تجمعت منذ آلاف السنين).. فمع مرور الوقت وهي فترة ليست بالطويلة (40سنة تقريبا) منذ بدأ السحب من الأحواض الجوفية بعد انتشار الحفارات وتصاعد حفر الآبار الارتوازية التي وصلت على سبيل المثال في حوض صنعاء وحدة تقريبا 13 ألف بئر بدت بعض الأحواض المائية على وشك النضوب بل بعضها نفذت كما هو حال (حوض تعز).
ومع ذلك فإن هذه الكميات المحدودة من المياه تتشتت وتضيع الكثير من تحت أقدامنا ومن بين أيدينا ومن حولنا دون فائدة على التنمية ولا يستفيد منها المواطن ولا تحصل الجهات الرسمية على قيمتها.. (وهذا ما يعرف بالفاقد المائي) .
وأنا من وجهة نظري أن أسباب هذا الفاقد هي (إدارية – وفنية – وسلوكية) وهذه العوامل أسهمت في هدر ما يقارب 40٪ من المياه نحن بأمس الحاجة إليها لتوسيع خدمات إمدادات مياه الشرب للسكان الذين لم يحصل الكثير منهم على مياه آمنة ومستدامة ونظيفة.
وعندما ذكرت أن من أسباب الفاقد للمياه إدارية فأعني بذلك سوء الإدارة وفي هذا الجانب هناك شواهد كثيرة يمكن أن نفهمها.
فالكميات الهائلة من المياه التي تأتي في الموسم لا نستفيد منها ولم يتم حصدها بطرقة مجدية فتهطل الأمطار وتتدفق السيول وتسير في الشوارع فتتلوث وتتبخر من أمام أعيننا وإذا كان هناك من سدود فهي لم تف بالغرض ولم تخلو من العيوب. وإذا تحدثنا عن الفاقد فإن 40٪ من المياه الجوفية تذهب لري القات الذي ليس له أي مردود على الأمن الغذائي بل هو مدمر للزراعة والصحة وناهب للمياه.. أليس هذا خطرا وناهبا للمياه¿
أما إذا تحدثنا عن الزراعة عموما التي تستنزف 90٪ من المياه فإنه يمكن خفض الاحتياج إلى 70٪ كما يؤكد بعض المهتمين من خلال الري الرشيد والحديث . إذا نحن أمام أكثر من 20٪ فاقد في استخدامات الزراعة.
أما عندما نذكر الفاقد من شبكة المياه فإن هناك تقديرات تشير إلى أكثر من 40٪ ومعظمها تتمثل بسرقة المياه من قبل بعض المواطنين (توصيل بدون عداد) ‬