باسم يوسف و«إلا السيسي»!!
عبدالله الصعفاني

مقالة
أسكتت إدارة قناة «cbc» المصرية صوت باسم يوسف مقدم برنامج «البرنامج» الأشهر عربيا.. ولم نعد نشاهده وربما لن يعود.
> وفهم الناس أنه لم تكن القناة لتوقف برنامجا بهذه الأهمية وذلك النجاح لولا أن إرادة سياسية نافذة وقفت خلف قرار الإيقاف خاصة بعد ما قام به باسم يوسف من التعريض باتجاه الفريق عبدالفتاح السياسي قائد الجيش والرئيس المؤقت عدلي منصور حتى أن الشركات الداعمة هددت بعدم الإعلان في هذا البرنامج المثير.
> ولقد أثار هذا الإيقاف جدلا كبيرا في الأوساط الإعلامية والسياسية والجماهيرية أيضا.. لكن ذلك الجدل لم يغير شيئا من أمر الإيقاف وما أعقبه من مغادرة باسم يوسف مصر إلى جهة مجهولة وسط سؤال كبير هل يجد هذا الإعلامي القادم من مهنة الطب من يستوعبه ليقدم نفس البرنامج بما فيه من تكلفة أعداد باهظة الثمن أم أن نهاية تنتظره وستدفعه إلى العودة إلى مهنة الطبيب.
> ولقد تابعت باسم يوسف وهو ينتقد مبارك وينتقد من بعده مرسي وتابعت أيضا الحلقة الوحيدة التي قدمها بعد انقطاعه ثم استئناف «البرنامج» عقب ثورة 30 يونيو وخرجت بالكثير من المشاهدات والأفكار والتصورات الجديرة بالعرض والنقاش.
> اعتمد باسم يوسف في برنامجه على أقوى أشكال السخرية المصرية التي يحكى أنها تمتد إلى التاريخ الفرعوني وهو يسخر من مبارك ثم مرسي ومن بعدهما السيسي وعدلي منصور.. وهنا لا بد من التذكير بأن المزاج العربي يرى في السخرية أقسى درجات النقد.
ولذك فإن هذا النقد يمثل أقوى صور التحدي بدليل أن في بلدان عربية عديدة مسؤولون يستوعبون حتى من يقول عنهم بأنهم لصوص لكنهم لا يتحملون السخرية.
> سخر باسم يوسف من مبارك وسخر أكثر من مرسي الذي كان مادة مثيرة لهذا النوع من النقد اللاذع المثير للسخرية الحارقة.. ولهذا فقد أثير جدل ساخن مما سمي بضيق الجيش والرئاسة الجديدة رغم أن مصر اليوم هي حصاد أقصر مدة زمنية لثورتين متتابعتين.. فيما ذهب كثيرون إلى أن خطورة البرنامج.. تتمثل في حالة الاستقطاب والمواجهات والجيل الرابع من الحروب.
> ومن المهم الإشارة إلى أن باسم يوسف وهو يتوقف لشهور قد أثار أسئلة عديدة حول ما الذي يستطيع تقديمه لو أنه عاد بعد أن انتقل مرسي إلى سجن طره على مقربة من زنزانة حسني مبارك لكنه عاد وفاجأ المشاهدين بحلقة ساخنة انتقدت الجميع بجرأة اصطدمت حتى مع بعض محبيه وأصدقائه الذين كانوا قرروا رفع المفردتين الحاسمتين «إلا السيسي»..
> ومما زاد الموقف حرجا أن عودة برنامج البرنامج كمهرجان للضحك على الجميع أن مقدمه لم يدرك حالة الاستقطاب السياسي الحاد في الأوساط المصرية بل وأضاف بعض الايماءات الجنسية التي لم يكن يحتاج إليها حتى وهو يواصل قبل البرنامج التحذير من أن جنة الأطفال غرفة نومهم وعدم مشاهدة «البرنامج».
> ولقد شكا باسم يوسف مما تعرض له من بعض أصدقائه ومن تواضع عدد الذي دافعوا عنه ومن كل هؤلاء الذين صفقوا له وهو يسخر من مبارك ومرسي وجلدوه بأقلامهم والسنتهم وهو يتقاطع مع شعار «إلا السيسي» وما يزال إيقاف برنامجه محل نقاش حول علاقة الإعلامي بالسياسي وفضاء الحرية الإعلامية والمسموح والممنوع.
> وأما والثورة هي تغيير في الأفكار وأن المسؤولين مهما علا شأنهم ودرجة توريتهم هم شخصيات عامة وأن أي قائد هو ليس الأب وليس الأم وليس المقدس وإنما هو موظف عام يعمل عند الشعب بمرتب كبير فإنه ليس هناك من معنى لتكميم الأفواه بالذرائع العربية المتمثلة في تهم تكدير محتويات كأس الأمن العام من الماء وإثارة البلبلة والسلم علاوة على التهمة السورية الإضافية «ضعف الشعور القومي».
وما دامت الأنظمة العربية تدوش رؤوسنا صباح مساء بأغنية أميركا الماما وهي البابا فسأختم بهذه الحكاية:
> اشتكى أحد وزراء الولايات المتحدة الأميركية إلى «إيزنهاور» أن الإعلام يضغط عليه وينتقده بعنف.. فرد عليه الرئىس إبزتهاور بحسم: الذي يدخل المطبخ لا يشتكي من حرارة الفرن.. تقبل النقد فأنت شخصية عامة.